أكدنا في مقال الأمس أن رمضان هو شهر القران، وأن الصيام إعداد إيماني لتحقيق التقوى وتربية للنفس لتهيئتها للاستفادة من القرآن، وهو أيضاً احتفاء إيماني بالقرآن في شهر نزوله'شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ' وسنعود في مقالات قادمة للحديث عن كيفية الصيام الذي يحقق التقوى ونتوقف اليوم مع أهمية تلاوة القرآن في رمضان.
حثنا القرآن نفسه على تلاوته حق تلاوته، تلاوة المؤمنين الذين قالوا الله عنهم'وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ' والذين أكد سبحانه وتعالى أنهم يرجون تجارة لن تبور'إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ'. فكيف نتلو القرآن على الوجه الأمثل حتى نفوز بهذا الأجر العظيم؟
القرآن الكريم نفسه يعلمنا كيفية تلاوته ويرشدنا إلى أهمية اختيار الأوقات المناسبة التي نتجرد فيها عن المشاغل والمشتتات الذهنية كالأسحار و الفجر'وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا * وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ'.
وبعد اختيار التوقيت المناسب تأتي أهمية التهيئة النفسية والتفرغ الذهني وإنصات العقل والقلب'وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ' ومن الآيتين نستفيد أيضاً أهمية تنويع الأساليب في تلاوة القرآن فتارة نقرأه في غير الصلاة وتارة نقرأه أثناء الصلاة ' وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ ' وتارة نستمع إليه من ألسنة القراء مع الإنصات الفعَّال.
ومن أساليب التلاوة الفعالة للقرآن المدارسة الجماعية في المسجد ، جاء في صحيح مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده' وفي ظل تعذر الخروج إلى المسجد يمكن تعويض ذلك بتنظيم جلسات تلاوة ومدارسة عائلية.
نسأل الله أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.