في ظل مشاغل الحياة اليومية وتعقيداتها المتجددة،أصبح هناك نوعٌ من التباعد الاجتماعي الأسري غير المعلن. وحتى في الأوقات القصيرة التي يكون فيها أفراد العائلة في المنزل فإن انهماكهم في عالم الأجهزة الذكية والشاشات يقلل فرص التواصل الاجتماعي الحقيقي، فيعيش أفراد الأسرة في الغالب متباعدين وهم تحت سقف واحد وهذا ما دفع البعض لتسمية مواقع التواصل الاجتماعي بمواقع التباعد الاجتماعي، ففي الوقت الذي يفقد فيه الشخص التواصل مع الشخص الذي بجواره يتواصل مع آخرين في أطراف الأرض يعرفهم أو لا يعرفهم.
أدى ذلك التباعد إلى جهل أفراد الأسرة بعضهم ببعض، حتى لتجد منهم من يعيش غربة بين أهله. وتصادفني كمستشار بعض المواقف التي أتفاجأ فيها بعدم استحضار الوالدين معلومات بسيطة عن أبنائهم مثل سنتهم الدراسية أو هواياتهم.
ومع أزمة كورونا وما فرضته من تباعد اجتماعي خارج نطاق المنزل، واجتماع قسري تحت سقف المنزل في فترة الحجر الصحي فإن هذا الحجر يفرض على الوالدين التفكير باستثماره في كيفية تحقيق التعارف وتعزيز الأواصر الأسرية بين الأبناء بعضهم البعض وبين الزوجين وبين الوالدين والأبناء وتحقيق المتعة والمنفعة في.
ويمكن تحقيق ذلك بواسطة جلسات تعارفية يتحدث كل شخص منهم عن نفيه و هواياته و تخطيطه للمستقبل. ومن خلال الحرص على الأنشطة الجماعية التي تعرفهم على بعضهم أكثر بشكل غير مبار كأكل الوجبات الرئيسية بصورة جماعية، و الألعاب المشتركة، والمشاركة في أعمال الطهي، وتنظيم المسابقات وقراءة القرآن وأوراد الصباح والمساء، وأداء الفروض الخمسة جماعة في المنزل، وتحديد أوقات لتبادل الطرائف والنكت المضحكة وحل الألغاز، ومشاهدة أفلام وثائقية وبرامج تعليمية.
ما أجمل تلك الأسرة التي يشعر أفرادها بأهميتهم حيث يعرف كل فرد منهم ما يحب الآخر و ما يكره، هواياته و رغباته، طموحاته و تفضيلاته، وكلما ازدادت أهميتهم، ازداد انتماؤهم لأسرهم.