يفضل الكثير من المسلمين تأخير الزكاة إلى شهر رمضان ابتغاء الفضل والمثوبة والبركة في هذا الشهر، ولا أحد يشكك في أهمية البذل والإنفاق في شهر رمضان المبارك ولكن إخراج الزكاة المفروضة لا يرتبط برمضان، وإذا جاء الحول قبل رمضان فالأفضل عدم تأجيلها. وأما تقديمها في رمضان قبل الحول فلا بأس به، ومن باب أولى تقديمها عند الحاجة سواءً كانت الحاجة في رمضان أو قبل رمضان.
وقد أحسن الشيخ علي القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، في فتواه الأخيرة في مطالبته بضرورة تعجيل إخراج الزكاة الآن ودفعها للمتضررين من وباء 'كورونا' وتأكيده أن إخراجها الآن هو أولى من تأخيرها لشهر رمضان.
وهذا ما نصت عليها فتاوى الكثير من دور الإفتاء في الدول الإسلامية مؤخراً بل إن تأخيرها عند الحاجة الماسة في بعض الظروف قد يترتب عليه الإثم ولا سميا مع القدرة على إخراجها. وقد ذكر الإمام ابن تيمية أن الرأي القائل بجواز إخراج الزكاة قبل وقتها رأي الجمهور قال رحمه الله' يجوز تعجيل الزكاة قبل وجوبها بعد وجود سبب الوجوب عند جمهور العلماء منهم الأئمة: أبو حنيفة والشافعي وأحمد، فيجوز تعجيل زكاة الماشية، والنقدين، وعروض التجارة، إذا ملك النصاب'.
ورأي الجمهور هنا يعتمد على حديث صحيح عن العباس رضي الله عنه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم في تعجيل زكاته قبل أن تحل فرخص له في ذلك'.
وفي ظل معاناة الفقراء اليوم مع إيقاف عجلة الحياة وتعطيل الأعمال والأضرار التي لحقت بالكثير من المستورين الذين يعتمدون على الأعمال اليومية فإن أجر دفع الزكاة والصدقات يتعاظم أكثر في هذه الأيام لأنه يحقق مقاصد الشريعة السمحاء، فالأصل في الزكاة والصدقة هو تحقيق مصلحة الفقراء والمحتاجين في أوقات الحاجة وليس ترقب الأيام المباركة، فإذا اشتدت الحاجة إلى الزكاة والصدقة يزيد أجر المبادرة إلى دفعها، ولا سيما وأن تأجيلها قد يفضي إلى هلاك أرواح أو تصاعد مشكلات نفسية واجتماعية بسبب سوء الأحوال وضيق اليد.
نسأل الله أن يجعلنا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه.