في الوقت الذي يتحدث فيه بعض السياسيين في الغرب عن مناعة القطيع التي تستلزم تخلي الدول عن مسؤولياتها في حماية حياة الناس وترك الفيروس ينتشر ويقضي على ملايين الناس حتى يكتسب البقية الحصانة، فإن من الواضح أن الهدف من هذا الإجراء تلافي الخسائر الاقتصادية الناتجة عن الإجراءات الوقائية والحجر الصحي.
ولا شك أن هناك الكثير من المتضررين من الحجر الاقتصادي من جميع الفئات، فكما يتضرر أصحاب الشركات الكبيرة يتضرر أيضا العامل البسيط الذي يعمل بالأجر اليومي أو يعيش على الربح اليومي الذي يوفره له عمله الصغير.
ومن منظور إسلامي وإنساني فإن الواجب يفرض علينا التضحية والصبر على كل هذه الظروف القاسية من أجل الحفاظ على حياة الآخرين، وإذا كان الحفاظ على حياة إنسان واحد يعادل الحفاظ على حياة البشرية جمعاء 'وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا' فإن ذلك يعني أن الحفاظ على حياة الآلاف والملايين من الناس من أعظم الفرائض الدينية والواجبات الإنسانية في ظل هذه الظروف.
ولقد وضع فقهاؤنا الأجلاء قاعدة معروفة تنص على أن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة، وبناءً على ذلك فإن درء مفسدة الموت المحقق بالتعرض للوباء والصبر على الحجر مقدم على كل المصالح الأخرى، وعلينا احتساب أجر الصبر والتضحية بالمصالح المادية في هذه الظروف وتحمل مصاعب الحياة،
وعلى الميسرين تفقد الحالات الصعبة من المتضررين فهذا وقت الإنفاق ووقت التضحية بالمال، سواء في دعم الأسر المتضررة من الحجر أو في التبرع في الحملات التي تنظمها بعض الدول لدعم النظام الصحي على استيعاب المصابين ولا سيما في الدول التي تعجز فيها الأنظمة عن توفير متطلبات مواجهة كورونا.
وعلى الحكومات الإسلامية الغنية أن تبادر لمساعدة الحكومات الفقيرة والعاجزة عن تعمل تكاليف أعباء مواجهة كورونا، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.