الغفلة والخطأ مكون أساسي من الطبيعة الإنسانية التي ألهمها الله فجورها وتقواها و' قد أفلح من زكّاها . وقد خاب من دسّاها' ولأن من طبيعتنا النسيان؛ فإن حاجتنا ماسة إلى التذكير برسالتنا في هذا الكون، والغاية من وجودنا، والاستشعار الدائم لرقابة الله، مع الحذر الدائم والمتجدد بعد كل سهو أو خاطر سوء، ووسوسة شيطانية من الانغماس في أوحال الغفلة 'ويُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ'.
فنحن من الله ونعيش في أرض الله، و بفضل الله ونعمه، ومصيرنا إلى الله، فما أحوجنا إلى اليقظة الدائمة والعمل الجاد من أجل مستقبلنا الحقيقي في دار الحياة الأبدية، وما أحوجنا إلى الحذر الدائم، ومن استشعر الحذر يفوز بالنجاة من الوعيد و يحق له الاطمئنان إلى الوعد فالله رؤوف رحيم' وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ '.
والحذر من الله ينبغي أن يبدأ من مرحلة الخاطر وحديث النفس فلا تحدث نفسك إلا بما يرضي الله ولا تسمح لفيروس خاطر السوء أن يغزو ذهنك ويعطل وظائف جهاز الحذر المناعي'وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِيۤ أَنْفُسِكُمْ فَٱحْذَرُوهُ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ'.
ولا يعني ذلك أن المسلم معصوم من فيروسات خواطر السوء ولكن الفارق بين أهل التقوى والحذر وأهل الغفلة أن أهل التقوى إذا وصل فيروس خاطر السوء إلى جهازه المناعي، ينتفض إيمانه، ويتذكر حقيقة رسالته في هذه الحياة فيطرد خاطر السوء ويحافظ على حاسة الإبصار الإيمانية' إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون'.
جعلنا الله من أهل التقوى والحذر، وممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.