إلى الذين يفرقون بين اتباع الله وبين إتباع رسوله: ' يا أيّـُها الّذين أمنوا استجيبوا لله وللرّسول إذا دعاكم لما يُحييكم '
عندما ارتضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولا، آمنا بأن نبينا صلى الله عليه ر سلم هو الصادق المصدوق، وما حدثنا به عن الله فهو الحق الذي لا مراء فيه. ولا شك أن القرآن هو كتاب الله و جوهر الرسالة الإسلامية ودستور المسلمين العظيم ونبراس الهداية.
ومن توجيهات هذا الكتاب العظيم لنا اتباع سنة نبينا صلى الله عليه وسلم والرجوع إلي النبي إذا دعانا إلى ما فيه حياة قلوبنا وحياة عقولنا وحياة مجتمعاتنا وحياة أمتنا.
وما التخبط الذي نعيشه اليوم إلا بسبب إعراضنا عن الاهتداء بمشكاة النبوة والشرب من النبع السني من ينابيع محمد صلى الله عليه وسلم.
ومع أن الكثيرون اليوم أعرضوا عن هداية القرآن والسنة معاً وللأسف الشديد، ولكن ما يحزُّ في النفس هو ظهور بعض من يسمون أنفسهم بالقرآنين الذي يتوهمون أن اتباع الرسول يتناقض مع اتباع الكتاب الحكيم الذي جاء به الرسول الكريم نفسه، ويتناقضون في دعواهم هذه مع القرآن نفسه الذي أمرهم بالعودة إلى الرسول عند الاختلاف'ومن يطع الرّسول فقد أطاع الله'' يـا أيّها الّذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرّسول ' ' فلا وربك لا يؤمنون حتّى يحكمُّوك فيما شجر بينهم ثمّ لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مـمّا قضيت ويسلموا تسليماً ' وهل سنجد مثل الرسول نفسه ليشرح لنا كتاب الله؟!
وإن مما لا يشك فيه عاقل أن ثمة وحي غير القرآن، فتفاصيل الصلاة والصيام والزكاة وسائر العبادات لم تعرفها أمة الإسلام إلا بواسطة السنة النبوية، مما يؤكد أن ظاهرة إنكار السنة هي اختراق ثقافي للمجتمع السني من جهات متعددة منها الشيعة و بعض ضحايا الاستلاب الثقافي الغربي الذين وجدوا صعوبةً في محاربة الرسالة الإسلامية بواسطة التشكيك بالقرآن المحفوظ في ذاكرة ووجدان المسلمين باختلاف مذاهبهم، ووجدوا أن الحلقة الأضعف هي التشكيك بالسنة.
ومع ذلك فإن مما يجب التنبيه له ضرورة التفريق بين من يدعو إلى تجديد الاجتهاد في التعامل مع السنة ومن يشكك بالسنة جملة وتفصيلا. فإذا كان النقاش حول التفريق بين السنة التشريعية والسنة غير التشريعية وحول كيفية تطوير مناهج نقد الحديث وغربلة الروايات بأساليب علمية تحترم جهود المحدثين السابقين ولا تقدسها، وتؤمن بأن جهود توثيق الحديث جهود بشرية قابلة للتطوير مع عدم تبخيس جهود السابقين أو تقديسها، إذا كان النقاش في هذا الإطار فهو نقاش محمود يجب أن نوسع صدورنا لمثله طالما أنه صادر من أهل الذكر والخبراء المتخصصين ' فأسأل به خبيرا' وملتزم بمناهج البحث العلمي الموضوعي ولا يستند على أقوال المستشرقين والمغرضين ولا زوبعات العلمانيين ولا مطاعن أهل البدع والضلالات وطالما أن هدفه خدمة السنة وتوضيح جواهرها الحضارية وكيفية الاستفادة منها.
نسأل الله أن يجعلنا ممن استجابوا لنداء الله والرسول وأن يحيينا بهدي كتابه وهدي نبينا مستجيبين لقوله تعالى': ' يا أيّـُها الّذين أمنوا استجيبوا لله وللرّسول إذا دعاكم لما يُحييكم '.