غالباً ما يعتقد الكبار أن الشعور بالوحدة خاصية من خصائص الراشدين والكبار فقط، مع أننا لو تذكرنا طفولتنا بصورة عميقة سنجد أن معظمنا في بعض مراحل الطفولة والمراهقة ذاق مرارة الشعور بالوحدة في بعض الحالات، وهذه الحالات تزيد عند البعض وتقل عند آخرين حسب البيئة التربوية.
وللشعور بالوحدة تأثيرات سلبية كبيرة على الأطفال والمراهقين: منها فقدان الثقة بأنفسهم والبحث عن شركاء عاطفيين لتعويض النقص العاطفي بطريقة مختلة يقدمون فيها تنازلات تؤثر على تصورهم لأنفسهم، فضلاً عن صعوبة التواصل وافتقاد مهارات القدرة على المشاركة الاجتماعية والتعبير عن الذات، وعندما يتطور الشعور بالوحدة فإنه يتحول إلى اكتئاب قد يصاحب الطفل طوال حياته.
ومن التأثيرات الجديدة في العصر الرقمي و التي أكدتها الدراسات الجديدة أن الشعور بالوحدة من الأسباب الرئيسية التي تدفع المراهقين لمشاهدة الأفلام الإباحية بالإضافة إلى ضعف التدين، هروباً من الألم النفسي الذي يسببه الشعور بالوحدة وبحثاً عن التسلية الذاتية عندما تغيب وسائل التسلية الطبيعية والاحتضان الآمن من الأبوين للأطفال ومتابعة حياتهم الاجتماعية والحرص على إدماجهم في محيطهم الاجتماعي واختيار الأصدقاء المتميزين لأبنائهم.
وتؤكد هذه الدراسات العلمية للتأثيرات التربوية أهمية تأهيل الآباء للتعامل مع المشاعر النفسية للأبناء ومتابعتها وتعليمهم كيفية تقديم الدعم للمراهقين في حالة ملاحظة شعور بعضهم بالوحدة، مع أهمية التفريق بين الشعور بالوحدة وبين الانطوائية، فالإنطوائيون لا يشكون وحدتهم وهم يستمتعون بها على عكس الشعور الطبيعي بالوحدة والذي يسبب الألم النفسي ويدفع المصابين به إلى البحث عن ملاذات آمنة ووسائل أخرى لاشباع حاجتهم إلى الاندماج الاجتماعي والى الشعور بأنهم محبوبون وأن المجتمع في حاجة إليهم.