لأن هذه الدار بطبيعتها دار ابتلاء واختبار يعيش فيها المؤمن في صراع مستمر مع نفسه الأمارة بالسوء والشيطان والأهواء والشبهات.
و المؤمن الحق يجب أن يستنفر جميع طاقاته الإيمانية ويعيش في حالة اتصال دائم مع الله عز وجل وعلى حذر دائم من وساوس النفس والأهواء وتلبيسات إبليس ومن الانزلاق إلى اتباع خطوات الشيطان.
وعليه أن يستعين بالله على الثبات على الطاعة، فلولا تثبيت الله لنا لما زكى منّا من أحد، ويثبت الله الذين آمنوا وجاهدوا أنفسهم بالقول الثابت'يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم'.
وإذا كانت الغفلة قد تسربت إلينا في أيام الأسبوع فإن محطة الجمعة الإيمانية فرصة للتطهير والتزكية ومحاسبة النفس، ولا ينبغي أن نتساهل مع أي خاطرة أو واردة تهون علينا أي معصية أو تدفعنا إلى التكاسل عن الطاعات فهذا الخاطر الخبيث هو أول خطوة من خطوات الاستدراج الشيطاني. ومقاومة هذه النزغة الشيطانية في البداية هينة وسهلة على أهل التقوى' إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنْ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ'.
وإذا تهاون المسلم مع هذه النزغة ولم يستعذ بالله من شرورها عملاً بقوله تعالى' وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ' ويعود إلى الجادة فإن الشيطان يستدرجه إلى الخطوة الثانية وفيها يتحول الخاطر إلى هاجس و وسواس ونية حتى يستحوذ على تفكيره ويقع في المعصية، فإذا استمرأها زين الشيطان في قلبه الفسوق والعصيان وأوقعه في حبائله.
اللهم إنا نعوذ بالله من نزعات شياطين الجن والإنس ونعوذ بك من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان.