يحتفي غير المسلمين اليوم الرابع عشر من فبراير بيوم الحب 'الفالانتاين' الذي يتوافق مع ذكرى إعدام القديس 'فالانتاين' بعد اتهامه بإجراء عقود الزواج للمتحابين من الجيش الروماني بطرق سرية، وكانت القوانين تمنع زواج الجنود.
ورابطة الزواج في الإسلام رابطة مقدسة محفوفة بعاطفة الودِّ والتراحم والسكن الروحي والنفسي والمسؤولية الاجتماعية، فالحب آية من آيات الله الذي خلق لنا من أنفسنا أزوجاً وجعل بيننا عواطف المودة والرحمة'وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ'.
وبعيداً عن الجدل الفقهي في تحريم الاحتفاء بهذا اليوم أو شرعيته، فإن الجميع متفقون أن الإسلام يحترم مناسبات غير المسلمين، وبالنسبة لمشاركة المسلمين في هذه المناسبات فالجميع يتفق على تحريم ممارسة ما يتعارض مع الأحكام الشرعية في هذه المناسبات أو غيرها، ولكن المبالغة في الحديث عن رفض الإسلام للاحتفاء بيوم الحب يشكل صورة مغلوطة عن مفهوم الحب في الإسلام يجب تصحيحها.
فالحب في الإسلام هو قلب العبادة ويبدأ من حب الله عز وجل ' والذين آمنوا أشد حبًّا لله' وعندما تستقر محبَّة الله في نفس العبد فإنه يحب جميع مخلوقات الله التي تذكره بالخالق المحبوب، فإذا كان مجنون ليلى يقول:
أَمُرُّ عَلى الدِيارِ دِيارِ لَيلى،،، أُقَبِّلَ ذا الجِدارَ وَذا الجِدارا
وَما حُبُّ الدِيارِ شَغَفنَ قَلبي،،،،،وَلَكِن حُبُّ مَن سَكَنَ الدِيارا
فإنَّ الغارق في محبَّة الله يجد الله في كل مكان، وتفيض نفسه بمحبة جميع المخلوقات التي تذكره بالخالق، وقلبه قبل لسانه يردد'أنا نفس محبة كل خير ****كل شئ حتى صغير النبات'.
وإذا كره المسلم شيئاً فإنما يكرهه لأنه يغضب محبوبه الأسمى،ولا يمكن للمؤمن أن يعصي أمر محبوبه، فمن لوازم المحبة الطاعة للمحبوب ورحم الله الإمام الشافعي حين قال:
تَعْصِي الإِله وَأنْتَ تُظْهِرُ حُبَّهُ ،،هذا محالٌ في القياس بديعُ
لَوْ كانَ حُبُّكَ صَادِقاً لأَطَعْتَهُ،، إنَّ الْمُحِبَّ لِمَنْ يُحِبُّ مُطِيعُ
في كلِّ يومٍ يبتديكَ بنعمةِ،، منهُ وأنتَ لشكرِ ذاكَ مضيعُ
وهكذا يتضح لنا أن الإسلام ليس له موقفٌ ضدَّ الحب كما يتوهم البعض فالحب هو جوهر العبادة في الإسلام.