بمرور الأيام يزداد توغل العالم الرقمي في تفاصيل حياتنا، ويترك تأثيراته القوية على سلوكنا وعاداتنا وصحتنا الجسدية وقيمنا الأخلاقية والإنسانية.
ورغم ما يقدمه هذا العالم من وعود تترافق مع الكثير من المخاطر، إلا أن معظم مؤسساتنا التربوية تفتقد إلى الثقافة الرقمية لتوجيه الجيل الرقمي للتعامل الإيجابي مع التقنية الرقمية والاستفادة مما تقدمه من الوعود مع تجنب ما تحمله من مخاطر.
والثقافة الرقمية لا تعني مجرد التعليم الرقمي للوصول إلى المعلومات واستخدامها ولكنها تحمل معنى أعمق، فهي تهتم بنوعية الاستخدام وأغراضه ومخاطره وكيفية الاستخدام السليم للتقنية الرقمية للأغراض السليمة مع تجنب المخاطر ومع القدرة على تقييم المعلومات ونقدها ومعرفة خلفياتها الفكرية والإيديولوجية و معرفة كيفية حماية أمننا المعلوماتي وحماية خصوصياتنا، ومعرفة الوعود المعرفية والاقتصادية التي يقدمها العالم الرقمي للاستفادة من هذه الوعود.
فبتنمية معارفنا والبحث عن فرص جديدة للعمل، وتعزيز تواصلنا وتعزيز قدراتنا على التسويق الرقمي لثقافتنا وأفكارنا ومنتجاتنا، وفي الوقت تبدو فيه الأنظمة العربية مشغولة بمحاولة استغلال فرص العالم الرقمي في صناعة واستيراد تقنيات التجسس والمتابعة وانتهاك الخصوصيات والتقليل من تدفق المعرفة؛ فإن واجب الآباء والتربويين هو التحرك الجاد لفرض ثقافة رقمية حقيقية تعمل على تحصين الأبناء من التأثيرات الضارة وحمايتهم من التأثيرات السلبية وتمكينهم من الاستغلال الأمثل لجميع إيجابيات التقنية الرقمية.