من أعظم نعم الله علينا نعمة الإسلام ونعمة القرآن الكريم وما يتضمنه من موجهات قيمية عملية تهدينا إلى التي هي أقوم وتعصمنا من التخبط وراء الشهوات والشبهات، وكل ما علينا فعله هو الاجتهاد في ابتكار آليات تطبيقية ووسائل تنفيذية لتحقيق هذه القيم السامية.
فلدينا قيم وثوابت لا مجال للمساومة حولها، ومنها قيم الحرية والعدالة والشورى والأمانة والتضامن والعلم والعقلانية والإيمان واحترام الوقت والنظام والنظافة وغيرها من القيم السامية، ولكن الحفاظ على هذه الثوابت يستلزم التجديد والتغيير في الأساليب والوسائل ومن هنا نجمع بين الحداثة الحقيقية والتجديد الأصيل وبين الحفاظ على الثوابت والأصول والغايات والكليات.
وسبب التخلف الذي تعيشه الأمة هو نتاج غياب القيم وتراجع تأثيرها في حياة الأمة، فعندما تراجعت قيم الشورى والعدل والأمانة في حياة الأمة السياسية، تم أسند الأمر إلى غير أهله انتشر القمع والفساد وغيبت السجون الأحرار وغاب أهل الكفاءات وحضر أهل المداهنات وشاع اتباع الشهوات والشبهات مع تفشي حالات القلق والاكتئاب والهروب من الواقع إلى عالم المخدرات والمسكرات، وأصبح الكذب ذكاءً والصدق غباء، وتم إئتمان الخائين وتخوين الأمين.
وحتى في الدول الغربية التي وضعت أنظمة صارمة لتعزيز القيم الداخلية ومنع الاستبداد ومنع الفساد في الأرض، بدأت تصل إلى مرحلة الشك بجدوى القيم وتتجه أكثر فأكثر في اتجاه المادة، وبدأت تتهرب من الالتزام القيمي تجاه البيئة والمناخ والمهاجرين مع تشجيع الإباحية والعلاقات الجنسية خارج مؤسسة الزواج والعلاقات المثلية والإجهاض وغير ذلك.
وبدون تنمية الحس الأخلاقي الديني في الحفاظ على القيم وإعادة الاعتبار للمبادئ الإنسانية المشتركة وإحياء روح التضامن البشري فإن مستقبل الحياة على هذا الكوكب محفوف بكثير من المخاطر' ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ'