تطرقنا في مقال الأمس إلى دور الأسرة في تنمية إبداع الطفل، وموضوعنا اليوم عن دور الأسرة في تنمية الفكر النقدي عند الأطفال، فلا يصح أن ننتظر أن تقوم المدارس بالدور الغائب الذي قد يأتي أو لا يأتي، أو يأتي بطريقة غير مرضية. وينبغي أن تستدرك الأسرة الخلل القائم في الأنظمة التعليمية التقليدية، وأن تبادر إلى تحمل مسؤوليتها في تربية الأجيال القادمة على الإبداع والتفكير النقدي. ولمهارة التفكير النقدي أهمية بالغة في صناعة شخصية الطفل، فمن التفكير النقدي يستمد الطفل آليات التفكير السليم والقدرة على حل المشكلات و التحليل والتقييم للأفكار والمعلومات والأخبار التي يتعرض لها من مختلف وسائل التواصل والإعلام في عصر ثورة المعلومات. ومن التفكير النقدي يستمد الطفل القدرة على اتخاذ القرار السليم.
وعلى الأسرة أن تساهم في إيجاد البيئة المناسبة لتنمية العقل النقدي باحترام تفكير الأطفال وأسئلتهم وعدم السخرية من أي أسئلة يطرحونها بل وتشجيع الأطفال على طرح الأسئلة وتطويريها والتفكير بالإجابات عليها بطريقة منطقية.
ويمكن إشراك الأطفال في وضع حلول لبعض المشكلات التي تواجه الأسرة وعدم تسفيه أي مقترح، واستثمار هذه المقترحات لتربية الأطفال على الحوار، ويمكن أن تطلب من كل طفل أن يطرح وجهة نظره ويدافع عنها وينتقد وجهة نظر شقيقه بأسلوب منطقي يخلو من التجريح والتسفيه.
ويمكن تخصيص أوقات محددة لبعض الألعاب التي تستثير التفكير وتوجيه هذه الألعاب لتنمية الفكر النقدي.
ومن أساليب تنمية التفكير النقدي متابعة بعض المسلسلات المشوقة وأن تطلب من الأطفال الإدلاء بتوقعاتهم للحلقات القادمة أو يتم مناقشة مواقف في الحلقات السابقة وتقييم تصرفات أبطال القصة وأن تسأل كل طفل عن كيف كان سيتصرف في الموقف الفلاني ولماذا.
وأخيراً نؤكد أن التربية على الإبداع والتفكير النقدي لم تعد في عصرنا الراهن -عصر الفضاء المفتوح وثورة المعلومات والذكاء الصناعي- حاجة ترفيهية أو كمالية بل حاجة ضرورية لا تكتمل تربية الطفل وبناء شخصيته بدون هذه التربية.