تضافرت أقوال الأئمة والصالحين في الدعوة إلى اغتنام ليالي الشتاء بصحبة القرآن والذكر والقيام و واستغلال نهاره بالصيام. فإذا كان الصيف موسم السياحة في عوالم الكون فإن الشتاء موسم السياحة في عوالم الروح، وقد شاءت إرادة الله وحكمته أن يقلب لنا فصول العام ويجمع لنا في السنة الواحدة بين الحر والبرد والاعتدال الخريفي والربيعي، وعلى المؤمن أن يتقلب بقلبه مع تقلبات الفصول ويستفيد من مزايا كل فصل ويتفكر في هذا التقلب الذي لم يخلقه الله عبثاً' إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ' و من سياحة القلب في الشتاء في المناطق التي تهطل فيها الأمطار الشتوية التأمل في كيفية إحياء الله الأرض بعد موتها، وأن يواكب المؤمن هذا التجدد في الطبيعة فيتجدد قلبه وتشرق روحه وينهض جسده لشكر نعم الله التي لا تحصى ويتفكر في آيات الله 'إِنَّ فِى السَّمَاواتِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لّلْمُؤْمِنِينَ وَفِى خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِن دَابَّةٍ ءايَاتٌ لّقَوْمٍ يُوقِنُونَ وَاخْتِلافِ الَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنَزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاء مَّن رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرّيَاحِ ءايَاتٌ لّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ' و من سياحة القلب مع تقلب الفصول المشاركة في العبادات اجتماعية التي تختلف باختلاف المواسم، ومنها في فصل الشتاء تفقد حاجة الفقراء والمشردين في مخيمات اللجوء وغيرهم، وتوفير الملابس والأردية ووسائل التدفئة التي تقيهم من البرد، والغذاء الذي يمنح أجسامهم الطاقة على مقاومة البرد والأمراض الخاصة بالشتاء.