من الأدعية النبوية التي صحت عن نبينا صلى الله عليه وسلم دعاء الذي جاء في صحيح مسلم' اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ' وكل علم لا يعود على الإنسان بالخير في الدنيا والآخرة من العلم غير النافع، ومفهوم العلم غير النافع مفهوم متغير، فقد يشمل أحياناً العلم الشرعي الذي لا يعمل صاحبه بموجبه، ويمكن أن يشمل كل علم لا يترتب عليه عمل نافع أو يعجز صاحبه عن الاستفادة منه في تغيير واقع حياته، ومن ذلك العلم الذي يطلبه صاحبه لغرض الجدل والمراء والمباهاة الكاذبة.
وحتى لا نكون ممن يتعلمون علماً لا ينتفعون منه أرشدنا نبيا صلى الله عليه وسلم إلى اللجوء إلى الله وأن نطلب منه أن ينفعنا بما علمنا وأن يعلمنا ما ينفعنا في الحديث الصحيح عن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: 'اللَّهُمَّ انْفَعْنِي بِمَا عَلَّمْتَنِي, وَعَلِّمْنِي مَا يَنْفَعُنِي, وَارْزُقْنِي عِلْمًا يَنْفَعُنِي' والدعاء بداية السعي وليس للاتكال، فمن طلب أن ينفعه الله بما يتعلم عليه أن يستنفر جهوده لتطبيق ما يعلم، وتعلم ما ينفعه والاستزادة من العلم النافع وفي عصر ثورة المعلومات.
و ما أكثر المعلومات الزائفة وقد أصبحت الحاجة ماسة إلى غربلة المعرفة النافعة من المعارف الكثيرة التي تضر ولا تنفع ولا تساعد الإنسان على النهوض والتحرر والتطور، ومن ذلك الكتب التي تروج للسحر والشعوذة والخرافات والأباطيل والأيدلوجيات المنحرفة والهرطقات ونحو ذلك.
وحتى نميز بين العلم النافع و غير النافع يجب أن نعرف سمات العلم النافع، فمن خصائصه أن تشعر بعد تحصيل هذا العلم أنك أقرب إلى الله وأكثر قدرة على تحقيق أهدافك في الحياة وأن تبتغي من جميع أهدافك تحقيق مراضاة الله، فالعلم النافع لا يتوقف عند الظواهر المادية، بل ينفذ من هذه الظواهر إلى ما وراء المادة والذين حرمهم الله من هذا العلم ' يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُون' اللهم إنا نسألك علماً نافعاً، ونعوذ بك من علمٍ لا ينفع.