'اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن' توقفنا في مقال الأمس مع الدعاء النبوي ' اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل ' ونتوقف اليوم أمام تكملة الدعاء ' اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن' وقبل الاسترسال في الحديث نود التنويه إلى ضرورة التفريق بين الحزن الإيجابي والحزن السلبي، فالحزن الإيجابي هو الحزن الناتج من الإحساس بالألم لأمر يستحق ذلك كألم الذنب و المعصية و الذي يدفع للتوبة و الإنابة، أو الشعور بآلام الآخرين والمشاركة العاطفية للمحزونين والذي يدفع الانسان للعمل على تخفيف أحزان الآخرين، ونسمي هذا الحزن بالحزن الإيجابي لأنه يدفع إلى العمل الإيجابي ولا يعطل الطاقة ولا يترافق مع مشاعر الإحباط والاكتئاب واليأس، بل تمتزج فيه دموع الحزن بإحساس غامر بسعادة الرضى بقضاء الله وقدره وسعادة ناتجة عن العمل في سبيل تخفيف آلام المحزونين لا توازيها أي سعادة.
أما الحزن السلبي فهو حزن ناتج عن إحباط بسبب عدم القدرة على تحمل مشكلة أو حادث أليم أو ناتج عن الإحساس بالملل والاكتئاب، فهنا يكون الاستسلام لمشاعر الحزن السلبي استسلام مدمر للصحة النفسية والجسدية، وهذا هو الحزن يدعونا نبينا صلى الله عليه وسلم إلى الاستعانة بالله للتحرر منه.
ومن الوسائل العلمية للتخلص من هذا الحزن المشاركة في الأعمال التطوعية والخيرية وتقديم خدمات للآخرين ولو كانت خدمة التسوق فقد أثبتت الدراسات أن إنفاق المال على الآخرين من أسباب سعادة المنفق ومن قبل ذلك جاءت الآيات و الأحاديث النبوية حاثةً على ذلك 'الذين ينفقون في السراء و الضراء'.
وأكدت الدراسات أن الحرص على الابتسام ومواجهة الناس بوجه طلق تساعد على التخلص من مشاعر الحزن والاكتئاب وجاءت الأحاديث من قبل دالة على ذلة 'لا تحقرن من المعروف شَيْئًا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق. وأكدت دراسة أجرتها جامعة هارفرد أن الجلوس بشكل مستقيم لمدة 120 ثانية على الأقل، يزيد من مستويات هرمون التستوستيرون (المحفز للشعور بالسعادة) بنسبة 20% ويقلل من هرمون الكورتيزول المسبب للإجهاد بنسبة 25% وهذه هي هيئة الصلاة خمس مرات كل يوم فمن أركانها القيام مع القدرة وهي الاستقامة في الوقوف، و كما أوصى صلى الله عليه وسلم 'حتى تستوي قائما' ..'حتى تطمئن جالسا'، ويكفيك في صلاتك أن تشعر أنك بين يدي الرحمن الرحيم الكريم لتغمر السعادة كل خلية من خلايا جسمك ولا يبقى للحزن السلبي موضع نفس.