طمأنينة الإيمان ليست طمأنينة رهبنة واعتزال للحياة و عزوف عن مكابدة مشقاتها، ولكنها طمأنينة الثقة بالله والتوكل عليه والإحساس يمعيته والإقبال على الحياة بقلب باسم وعزيمة تستمد قوتها من واهب القوة وخالق الكون، وتستند على دعائم الذكر الدائم ' الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ الله أَلَا بِذِكْرِ الله تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ' والقلب العامر بالإيمان لا يتعالى على الأسباب التي يستعين بها على تحقيق أهدافه، فهذه الأسباب ليست غير كلمات الله الذي يضعها الخالق بين يديه، وهل يترفع المحب المريد عن أسباب تركها المحبوب في طريق المريد؟! فالمريد المحب يهيم بكل سبب يذكره بحبيبه ومعبوده والمؤمن الحق يقبل على الأسباب بنفس شاكرة لخالق الأسباب، فإذا غالبته الأسباب وعاكسته الأقدار ونزلت في ساحته المصائب، استقبل كل شيء بنفس صابرة محتسبة تتنزل عليها صلوات الله ورحمته فتلهمها سبل الهداية' الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ* ُأولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ' . والنفس المؤمنة المطمئنة نفس مفعمة بالمحبة لكل المخلوقات، وما الكراهية في الله إلا كراهية تنبعث من قلب حريص على الهداية لا يتمنى إلحاق الضرر بالآخر إلا عند دفع الشر ومواجهة العدوان. فالمؤمن يحب لغير المؤمن أن يتمتع بنعمة الإيمان ويكره أن يراه يتخبط في الكفر والضلال. فالنفس المطمئنة لا تحمل الحقد على الأشخاص لذواتهم، ولا تبغض إلا الكفر والعصيان وترجو الهداية للجميع، وهكذا نجد أن طمأنينة الإيمان قوة دافعة للعمل بروح مفعمة باليقين والمحبة.