تختصر كلمة العصامية المشهورة في تراثنا الإسلامي والعربي الكثير من المصطلحات الإيجابية التي نتداولها اليوم في علم التنمية البشرية، فما من خصلة حميدة وخاصية إيجابية إلا وتقف خلفها شخصية عصامية تملك القدرة على التحكم بزمام النفس وتعرف كيف تخطط لما تريد من الأهداف السامية وتعمل على تنفيذ الخطط بجهد ومثابرة حتى تحقيقها.
وقد امتدح القرآن الكريم العصامية في أنبل مظاهرها، وهو الانتصار على إغراء الشهوات عندما تتوفر كل الظروف لارتكاب المعصية، فيترفع المؤمن محافظاً على دينه وكرامته وقيمه وأخلاقه فيجسد بذلك أسمى أنواع العصامية والتسامي الأخلاقي كما حدث ذلك في قصة يوسف عليه السلام'وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ' ومع أن بعض خصائص العصامية قد تكون وراثية فإن البيئة والتربية تلعب دوراً كبيراً في تكوين العصامية.
وللتربية على العصامية يحتاج المسلم أن يضع نصب عينيه الدار الآخرة واستشعار عظمة الله عز وجل ويستحي من الله الذي وهبه الحياة ووهبه القدرات والإمكانيات فيعلن ثورته على الكسل والتراخي والفوضى ويعمل على تنمية ثقته بنفسه ويحب العمل، ويضع له أهدافاً سامية يسعي إليها بوضع الخطط والعمل على تنفيذها بحماس وإيجابية والعمل على التطوير الدائم للنفس والقدرات والترفع عن سفاسف الأمور.
وعلى قدر الغايات والأهداف، وعلى قدر الإيمان العميق بالقدرة على تحقيقها يستنفر الإنسان طاقاته في سبيل الوصول، ومسافة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة في الطريق الصحيح.