يعتقد البعض بوجود تناقض بين أهمية التربية على الإيمان والعبادة والأخلاق الفاضلة والقيم الرفيعة وبين التربية على حرية الاختيار، وهذا الاعتقاد مجرد وهم ناتج عن التصور السطحي للحرية والعبادة معاً، فلا تناقض بين التربية على الحرية الحقيقية التي تنبثق من شهادة التوحيد' لا إله إلا الله' والتي تحرص على تحرير الأبناء من جميع الأغلال والقيود التي تسلبهم حرياتهم وتستعبدهم لغيرهم من البشر أو لشهواتهم ونزواتهم، وبين التربية على التسامي الروحي والعصامية الإيمانية.
فمن متطلبات التربية على الحرية؛ التربية على القدرة على التحكم بالذات وعدم الاستسلام لعبودية الأهواء والشهوات وإضاعة الصلوات.
والتربية الأسرية على العقيدة والعبادة هي في حقيقتها تعزيز للقدرة على ممارسة الحرية عند الأبناء وتحرير لهم من جميع قيود وأغلال العبودية لغير الله، ولا تضيق مساحة الاختيار التي أتاحها الإسلام للأبناء إلا لإغلاق الطرق التي تؤدي بهم إلى العبودية والهلاك والإدمان.
فعندما تتدخل الأسرة لحماية الأبناء من التورط في إدمان المخدرات أو إدمان أي مظهر من مظاهر الانحراف وتحرص على تربيتهم على التسامي الروحي والالتزام التعبدي فهي تحرص من خلال ذلك على حماية حرية الابن وكرامته من كل ما يهدد هذه الحرية ويجعله عرضة للاستغلال والاستعباد. فالتدخل الأسري هنا إنما هو تدخل لحماية حرية الأبناء ومساعدتهم على الاختيار السليم.
وكما تعتقد بعض الثقافات المعاصرة أن تدخل الأسرة لمنع الأبناء من التورط في الإدمان على المخدرات تدخل إيجابي من أجل حماية الحرية فإن الثقافة الإسلامية تتوسع في ضرورة التدخل لحماية حريات الطفل من جميع مظاهر الاستعباد، ويشمل ذلك تربية الطفل على الصلاة والتسامي الإيماني والعفّة والالتزام بالحجاب حتى يصل الطفل إلى سن الرشد.