تكامل الرؤية الإسلامية للحياة المنيبة لله في آيات الدعوة إلى صلاة الجمعة
في مثل هذا اليوم من كل أسبوع دعانا الله سبحانه وتعالى إلى اجتماع خاص لذكرٍ مخصوص في يوم مخصوص يجب أن نتفرغ له ونأخذ إجازة مؤقتة من أعمالنا التجارية وجميع الأعمال الاعتيادية لدقائق معدودة نفتح فيها قلوبنا للموعظة الحسنة 'يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ' وليس في هذه الدعوة الخاصة تزهيد بالبيع والتجارة ولكنها تنطوي على تأكيد على محورية الإيمان بالله وذكره في قلوب المؤمنين وأولوية طاعته على كل شيء. والذي امرنا بترك البيع لدقائق معدودة أمرنا بعد ذلك بالانتشار في الأرض والابتغاء من فضل الله سائر الوقت مع الملازمة الدائمة للذكر القلبي والعملي واللساني لله عز وجل 'فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ'. وقد رتبت الآية الفلاح على ثلاثة مقدمات: الأولى: الالتزام بالشعائر وتربية القلب على الطاعة والانقياد لأوامر الله. والثانية: الانطلاق في ميادين الحياة المختلفة والعمل بالأسباب التي أتاحها الله لنا لنبتغي من الفضل المسخر لنا في هذا الكون، والثالثة الملازمة الدائمة لذكر الله والإكثار منه ' وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا' ولم يأمرنا الله بالإكثار من أي عبادة كما أمرنا بالإكثار من الذكر. والإكثار من الذكر يستلزم الإكثار من أنواعه الثلاثة وعدم الاقتصار على الذكر اللساني ونقصد بالأنواع الثلاثة الذكر القلبي باستشعار وقار الله وجلاله وعظمته والخوف منه والشوق إليه ومحبته في قلوبنا، والذكر اللساني الذي يترجم ما وقر في الجنان إلى الأقوال، والذكر العملي الذي يترجم الإيمان والأقوال إلى الأفعال باستشعار تقوى الله والتزام شرائع الدين وقيمه العظمي في جميع معاملاتنا الحياتية وفي كل صغيرة وكبيرة.
جعلنا الله وإياكم من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات وهدانا إلى سبيل الفلاح.