تحدثنا في مقالات سابقة عن أهمية التواصل مع الأبناء والاستماع إليهم والتعبير لهم عن اهتمامنا بهم وحبنا لهم، وينصرف التفكير عند الكثير من الناس عند الحديث عن التواصل مع الأبناء إلى أن المقصود هم الأطفال الذين وصلوا إلى مرحلة القدرة على الكلام والتعبير، في حين أن الدرسات التربوية تؤكد أهمية المحادثة تواصلاً واستماعاً مع كل الأطفال بما في ذلك الأطفال حديثو الولادة.
فقد أكدت الدراسات العلمية أن التواصل الشفهي مع الأطفال يجب أن يبدأ من مرحلة الطفولة المبكرة ابتداءً من مرحلة الرضاعة، وكشفت دراسة أجراها فريق بحثي في مدينة بوسطن الأمريكية أنه يمكن أن يكون للتفاعل بين الكبار والصغار - من خلال الحديث والتواصل - فوائد على نمو الدماغ، وذلك بشكل واضح يمكن رصده.
وسجل الفريق محادثات بين الوالدين والأطفال مع التركيز على عدد المفردات التي سمعها الصغار خلال هذه المحادثات. وتبين أن الأطفال الذين شاركوا في عدد أكبر من المحادثات أدوا المهام المتعلقة بفهم اللغة على نحو أفضل.
وأشارت الدراسات إلى أن عدد مرات التحدث تسهم في تحسين القدرات الدماغية. وتشير الأدلة العلمية أن العامل المؤثر في تحسين قدرات الأطفال على الصعيد اللغوي لا يتمثل في سماعهم بشكل سلبي لمن يحدثهم، أو في عدد المفردات التي تصل إلى مسامعهم وإنما في ما يمكن تسميته 'انخراطهم في محادثة جيدة' وهي تلك التي يكون الحديث فيها متبادلاً، أي أن يكون في صورة أخذ ورد بالتناوب بين أطرافه، ما يتطلب من كل منهم أن ينصت لما يُقال إليه وأن يرد عليه.
كذلك وأظهرت دراسة أخرى أن انقطاع المحادثة بينك وبين طفلك بفعل تلقيك اتصالا هاتفيا مثلا يحول دون أن يتعلم الصغير المفردات الجديدة التي ألقيتها على مسامعه حينما حادثته.
وتؤكد الدراسات السابقة أهمية بذل الوالدين لجهد خاص في ضغوط الحياة العصرية لتفريغ بعض الأوقات للمحادثة مع الأطفال، فهذه المحادثة تندرج ضمن التربية العقلية واللغوية والتواصلية للأبناء.