لا تمتلك الكثير من الأسرة المسلمة القدرة على اختيار المدرسة المنشودة لتربية الأبناء على القيم الإسلامية الأصيلة، حيث تضطر أغلب الأسر إلى إلحاق الأبناء في المدارس الأقرب من السكن، أو الأقل تكلفة من الناحية المادية، وفي هذه الحالة فإن الواجب الأكبر في التربية على القيم الإسلامية يتحول على عاتق الأسرة، وهي مهمة شديدة التعقيد في عصر الانفتاح الإعلامي وطغيان الحضارة المادية وثقافة الاستهلاك الاقتصادي والفكري والفني والثقافي، ومحدودية الإبداع الأصيل.
ومن هنا تأتي أهمية التربية على القيم في المحيط الأسري والتي ينبغي أن تأخذ الطابع العملي في ترسيخ القيم كقواعد ثابتة للسلوك داخل الأسرة أولاً ومع الأصدقاء والحوار الدائم مع الأبناء حول هذه القواعد وأهميتها في بناء الحياة الطيبة الصالحة في الحياة الدنيا وعاقبتها الحسنة في الفوز بالحياة السعيدة في الآخرة، فضلاً عن أهميتها في التكيف مع المجتمع المسلم وأهميتها في تأكيد التميز الحضاري عند التعامل مع المجتمعات ذات الثقافات المختلفة.
ويؤكد علماء الاجتماع أن التنشئة الاجتماعية على القيم هي وظيفة الأسرة الأساسية ومن خلالها يتمثل الطفل قيم المجتمع وثقافته، وبواسطة التنشئة الاجتماعية الأسرية على القيم تساهم الأسرة في بناء السلم القيمي الاجتماعي و إعداد شخصية الأبناء للحياة العامة بعد تشكيل هويتهم الثقافية وتحديد وتقييم السلوكيات المقبولة والمرفوضة فيحمل الأبناء هذه السلوكيات معهم إلى الشارع والمدرسة وعند نجاح الأسر في التنشية الصحيحة فإن المدرسة ستتحول إلى مجال لتطبيق القيم الاجتماعية الصحيحة واستكمال التنشئة على القيم وفي حالة اختلاف البيئة الثقافية في المدرسة و اختلاف ثقافة المجتمع يتوجب على الأسرة بذل جهود إضافية في التربية على التعامل مع هذه البيئة والحرص على توفير بيئة اجتماعية متجانسة ولو بالتواصل مع الأباعد أو من خلال مواقع التواصل.