إعلامي إماراتي .. مستشار في علم النفس التربوي

التركيز على الصراط المستقيم للانتصار على المشتتات الذهني
اختتمنا مقالة الأمس بطرح  السؤال التالي: كيف نتعلم التغلب على المشتتات وتصويب حركاتنا نحو غاياتنا وأهدافنا؟ والحقيقة أن المقال نفسه تضمن جوهر الإجابة بالتأكيد على أهمية التركيز على الصراط المستقيم. فالتركيز على خط السير أكثر أهمية من الناحية العملية من التركيز على الهدف النهائي.
 فعند تحديد الأهداف والسياسة والإستراتيجية ينبغي التركيز على خط السير وخطة العمل وتخفيف الانهماك في التفكير بالأهداف النهائية في هذه المرحلة. لأن التفكير الدائم بالأهداف يتحول أحياناً إلى عامل إحباط، ويتضمن تأجيل الشعور بالسعادة والرضا إلى مرحلة لاحقة، والأصل أن يشعر الإنسان بالرضا والسعادة من خلال الإنجاز اليومي الذي يتحقق بمجرد السير في الخطة، فهذا الانجاز المستمر يمنحك تحفيزاً دائماً للعمل ويمنحك الشعور بالرضا ويساعدك على تركيز الجهد.
 ولا يعني ذلك التقليل من أهمية الأهداف، فعندما  تحرث الأرض وتزرعها فأنت تعمل بالتأكيد من أجل الحصاد والثمار، ولكن بطبيعة الحال قد يتأخر موسم الحصاد فيدفعك هذا الشعور إلى الابتئاس ويثبط همتك ويشتت تركيزك، وأحياناً يتسرب إلى تفكيرك احتمال ظهور عوامل تعيق عملية الحصاد كالجفاف أو العواصف أو التغيرات المناخية والبيئية فيساهم هذا الخوف من الفشل في تشتيت التركيز فما الحل؟ الحل الوحيد هو التركيز على العمل والاستمتاع به، واعتباره رسالة وعبادة وتأجيل التفكير بالنتائج والحصاد والأهداف النهائية مع أخذ جميع الاحتياطات في الخطة العملية. وقد علمنا النبي صلى الله وسلم هذا المنهج في الحديث الشريف في قوله ' إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع ألا تَقوم حتى يَغرِسَها، فليَغرِسْها' وفي الحديث درس عظيم في أهمية التركيز على خطة العمل وعدم الانشغال الكبير بالهدف فربما يتأخر الهدف ولعلك ترزرع شجرةً ويستفيد من حصادها غيرك من الأجيال القادمة. 
فأنت مسؤول عن العمل ولست مسؤولاً عن النتيجة. ولا يعني ما سبق عدم أهمية التركيز على الأهداف كما أكدنا فلابد من الأهداف والرؤية لأي خطة و الأهداف هي الأساس في البداية ولكن بعد وضع الخطة يجب اعتبار كل جزئية في الخطة أهداف يومية تجعلك تشعر بالرضا اليومي بمجرد إنجازها، فعندما تزرع الفسيلة فأنت تسير في الصراط المستقيم نحو الحصاد، ومجرد زراعة الفسيلة هدف يستحق شعورك بسعادة الإنجاز. وعندما تتعهد الفسيلة كل يوم بالسقاية والرعاية فأنت تسير خطوات أخرى في الصراط المستقيم نحو الهدف. وفي كل خطوة يجب أن تشعر بسعادة الانجاز ولا تفتح مجالاً لشيطان الإحباط والتخويف من الفشل للوسوسة، فواجبك هو عمل كل الخطوات التي تؤدي إلى النجاح مع الإيمان بالقضاء والقدر والتسليم لله في حالة حدوث أي مشكلة طارئة وتقبلها بصدر رحب والانتقال إلى الخطة البديلة.