خطبة الجمعة بين التوظيف السياسي لمحاربة التغيير وبين واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
يذهب ملايين المسلمين كل جمعة ألى المساجد لسماع موعظة خطبة الجمعة، ولكنهم في الغالب لا يسمعون إلا كلاماً مكرراً مملولا، يدعوهم إلى طاعة الحكام والإخلاص لهم والثقة بهم وإن أفسدوا وغيروا وبدَّلوا، وتحريم جميع مظاهر الإنكار الحقيقي لمنكرات الظّلم والسرقة للمال العام وانتهاك السلطة للحقوق والحريات والتفريط في قضايا الأمة الرئيسية وفي مقدمتها قضية فلسطين، والتبعية والارتهان للغرب. ولا يتجاهل بعض الخطباء الظرفاء بعد الخطاب المخزي التذكير بخطورة تسيييس خطبة المسجد، فالتسييس المذموم من منظور هؤلاء هو استخدام خطبة الجمعة في الأمر بمعروف العدل والإحسان والشوري والحرية والمساواة والنهى عن الاستبداد والظلم والفجور والعدوان، ونتيجة هذا الانحراف في مسار خطبة الجمعة بدأت تتسع ظاهرة العزوف عن المساجد وأصبح البعض لا يرتاد خطبة الجمعة إلا استجابة للتوجيه الإلهي وهو يدعو الله ألا يسلط غضبه على الناس بسبب المنكرات التي يمارسها الخطباء من منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم منبر الوعظ والتذكير بالله وتوجيهاته بإقامة القسط في حياتنا قبل إقامة وجوهنا للصلاة في المساجد وتحرير الناس من الشرك وتوجيههم لإخلاص التوحيد لله عزوجل الذي إليه مصيرنا وعليه حسابنا' قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ * فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ' نسأل الله أن يجعلنا من فريق الهداية ولا يجعلنا مع فريق الضلالة الذين اتخذوا الشياطين أولياء فأضلوهم عن السبيل. ما يجب أن يعرفه الجميع أن الشعوب تميز جيداً بين الخطاب الديني الذي يحول الخطيب إلى بوق يقول ما يطلبه منه المتربعون على العروش، وبين الخطاب الديني الذي ينطلق من مقاصد الشريعة ويدعو إلى تحقيقها بإقامة مجتمع العدل والحرية والمساواة والحكم الرشيد، والشعوب تميز جيداً بين من ينطق بقوة الحق والاخلاص ومن ينطق بلغة المداهنة والنفاق ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الحاقدون.