وراء كل نقمة نعمة ومع كل محنة منحة، وإن مع العسر يسرا، والعكس صحيح أيضاً فكل نعمة يمكن أن تتحول إلى نقمة وكل منحة يمكن أن تتحول إلى محنة.
وموضوعنا اليوم حول اكتشاف فوائد المحن والشدائد، فالإنسان الإيجابي يرى في المحنة تحدياً يستفزه لتحقيق المزيد من النجاح والارتقاء، وتحرضه الشدائد على استنفار كل طاقاته لتحقيق أهدافه والانتقال من العمل في مجال محدود إلى آفاق أرحب.
ويبحث الإنسان الإيجابي عن الفرص التي تتيحها المحنة ليستثمرها ولا يستسلم للصعوبات، ويؤمن بوجود حل لكل مشكلة يحتاج إلى بذل المزيد من الجهد والتفكير العميق.
ومن فؤائد الشدائد أن تكشف لك بوضوح طبائع الأصدقاء الحقيقيين الذين يمكن الاعتماد عليهم وقت الشدة، وتكشف طبائع الأعداء وطبيعة عدواة كل طرف، وتكشف طبائع الجبناء والمحايدين في الظروف الصعبة وفي هذه الفائدة يقول الإمام الشافعي:
جَزَى اللهُ الشَّدَائِدَ كُلَّ خَيْرٍ وَإنْ كانت تُغصّصُنِي بِرِيقِي
وَمَا شُكْرِي لهَا حمْداً وَلَكِن عرفتُ بها عدوّي من صديقي.
فالإمام الشافعي يعلمنا التفكير الإيجابي الواقعي في التعامل مع الشدائد، فهو يعترف بالطبيعة الإنسانية التي تضيق بالشدة ولكنه يبحث عن الجوانب الإيجابية التي تترافق مع المحن ويعلمنا كيفية الاستفادة منها. ومن فوائد المحن والشدائد التعرف على القدرات الكامنة للإنسان، فكل إنسان لديه قدرات كامنة لا تظهر في الظروف الطبيعية، وتجعل الشدائد الإنسان في درجة عالية من اليقظة الذهنية.
وعلى كل من يريد الاستفادة من الشدائد قراءة قصص الناجحين وسيرهم الذاتية وسيجد أن خلف كل نجاح قصة معاناة يمر بها معظم الناجحين والمتميزين. ومن يقرأ هذه القصص يعرف كيف أن العناية الإلهية تسخر لبعض محنة تصهر معدنه ليظهر أفضل ما فيه ويعيد اكتشاف نفسه وقواه الخفية وتدربه على مواجهة الحياة. ومن يعرف هذا السر يعرف كيف يحول المحنة إلى منحة؟