يشكو الكثير من الآباء من مشكلة الشجار بين الأبناء، وتتحول إلى مصدر ضغط على الوالدين. ويتدخل في الغالب الوالدان لوقف الشجار بأساليب انفعالية تعكس حالة التوتر والقلق والانزعاج التي يشعر بها الوالدان، وتتسبب بعض الأساليب في قمع شخصية الأبناء ومنعهم من توضيح ملابسات الشجار و تحول دون توظيف مهارة التعبير في الدفاع عن النفس، ويخسر الوالدان بهذه الطريقة فرصة استثمار الشجار لتحقيق الكثير من الأهداف التربوية.
فحدوث الشجار بين الأبناء ظاهرة طبيعية يجب التفكير في استثمارها ، بدلاً من التعامل معها كمشكلة تثير الانزعاج، فعن طريق الشجار يمكن استكشاف طريقة كل ابن في الدفاع عن نفسه عند تعرضه للظلم من أخيه، وتنمية مهارته في الدفاع عن النفس في خارج المنزل، وتنمية مهارة الابن في تبرير تصرفه، او الاحتجاج على الخطأ، كما يمكن استثمار الشجار لتربية الأبناء على طريقة إدراة الخلافات وكيفية التفاوض والدفاع عن الرأي والمحاججة المنطقية، وهذه المهارات من المهارات الأساسية التي يحتاج إليها الطفل.
وبناءً على ما سبق يجب عدم استعجال الوالدين في وقف الشجار والاكتفاء بالمراقبة الأولية عن بعد ومتابعة طريقة كل ابن في التشجار مع مراقبة خاصة لتصرفات الابن الأكبر التي قد تكون أكثر تسلطية.
وقد تظهر أثناء الشجار سلوكيات سلبية لم يكن من السهل ملاحظتها في الأوضاع العادية، كالنزعات العدوانية والألفاظ النابية. وعندما يحتد الشجار أو يتحول إلى عراك بالأيدي فمن الأفضل أن يقوم الوالدان بالتدخل بالتفريق بين المتخاصمين بهدوء وعدم فتح نقاش فوري لتحديد المذنب، وترك فرصة لالتقاط الأنفاس، وفتح نقاش هادئ حول أسباب المشكلة، ومنح كل طرف فرصة كاملة للدفاع عن نفسه.
وبعد معرفة أسباب المشكلة حاول مساعدة الأبناء على حل المشكلة بأنفسهم واقتراح بعض الحلول ويمكن أن تعرض عليهم مكافأة إذا توصلوا إلى حلٍّ وسط يرضي الجميع. فقد يتضمن الحل تنازل أحدهم للآخر أو اقتسام ما يختلفون عليه أو التفاوض لتعويض مصلحة بمصلحة أخرى أو اعتذار بعضهم لبعض عن أي تجاوز أثناء الشجار عند الضرورة.
وهكذا يتم تعويدهم على إدارة الخلافات وعدم الاعتماد الدائم على الوالدين في حل مشاكلهم، وتدريبهم على التفاوض والتعبير عن النفس والدفاع عنها فضلاً عن استكشاف سلبيات تحتاج إلى معالجات خاصة.