مفهوم التعلم السريع من المفاهيم الحديثة التي بدأ التركيز عليها مؤخراً في عصر السرعة والانفجار المعرفي الذي نحتاج فيه إلى السرعة في اكتساب المعارف والمهارات الحياتية المتجددة. ويستلزم هذا النوع من التعلم انغماس المتعلم بكليته ' برأسه وجسده' في عملية التعلم في بيئة إيجابية والعمل على ربط الأفكار بعضها ببعض بدلاً من الحفظ التقليدي للفكرة، فربط الأفكار بعضها ببعض يساعد على توليد شبكة معرفية في دماغ المتعلم قادرة على توظيف المعرفة وإدراك علاقتها بالمعلومات السابقة والواقع. ومما يساعد على التعلم السريع استخدام الخيال في تجسيد الفكرة في صورة حية والتعامل معها كأنها كائن حي، وكذلك استخدام المخططات والخرائط الذهنية.
ومن المؤسف أن الكثير من الآباء والأمهات لا يهتمون كثيراً بالتنمية المعرفية للأبناء ويركزون بصورة كبيرة على الاستذكار والحفظ والقدرة على اجتياز الامتحانات بنتائج متفوقة، مع أن هذا التفوق قد يفقد أثره العملي بعد إنتهاء الامتحان ويصبح الطفل خالياً من أي معرفة حقيقية. ومن هنا تأتي أهمية الحديث عن دور الوالدين في تنمية مهارة التعلم السريع والعميق الذي يربط المعرفة بالبيئة والواقع. ويمكن للوالدين المساهمة في التعلم السريع بصورة كبيرة وخصوصاً في تعزيز تعلم الأبناء الصغار الذين يعتبرون المنزل بيئتهم الأساسية.
وبدلاً من مساعدة الأبناء على حفظ المعلومات تستطيع الأسرة ربط المعلومات بالبيئة المنزلية، فيمكن مثلاً تكليف الطفل بكتابة طلبات المنزل لتعليمه الكتابة وأن يقوم بحساب قيمة المشتريات المنزلية لتعليمه الرياضيات، ومتابعة دروس التربية الإسلامية متابعة عملية مثل متابعة مدى استفادة الابن من التعليمات الخاصة بالصلاة والوضوء في الواقع العملي، وعدم الاكتفاء بحفظ الابن لهذه الدورس لغرض النجاح في الامتحان، فقد يحفظها وينسى كل شيء بعد الامتحان. و يمكن للأسرة تشجيع الطفل على رسم خرائط ذهنية للربط بين المعلومات وكذلك الربط بين كل معلومة مرتبطة بواقع الطفل في المنزل أو البيئة الخارجية.
فالطفل يدرس في مادة العلوم معلومات كثيرة حول الضوء والمادة والتربة وأنواع الحيوانات وأنواع النباتات ولا تستطيع المدرسة توفير بيئة حقيقية لجميع هذه الأشياء. وفي مقدور الأسرة أن تربط بين الأنشطة الترفيهية وبين مفاهيم التعلم السريع كاستثمار زيارات حدائق الحيوانات والحدائق الطبيعية لتعليم الأطفال أنواع الحيوانات والنباتات و تذكير الطفل عند زيارة الأمكان التاريخية بعلاقة هذه الأماكن بمادة التاريخ.
ويمكن اشتثمار الألعاب في تنمية معرفة الطفل ومهاراته الحركية والعقلية وقدراته الاجتماعية، وبهذه الطريقة تساعد الأسرة على انغماس الطفل في البيئة التعليمية وربط التعليم بالحياة وتحقيق التعلم السريع وتحبيب التعلم إلى الأطفال.