الموت هو الحقيقة التي مهما تغافلنا عنها فإنه لا مناص منها،والمؤمن الحق يجب أن يكون مستعداً على الدوام لهذه اللحظة والتي قد تأتي فجأة وبدون سابق إنذار، وهي اللحظة التي نقترب منها كل يوم وكل دقيقة وكل ثانية، فالمؤمن الحق يعتبر الموت فرصة للقائه بربه وجني حصاد عمله الصالح بفضل الله وكرمه، فهو يتلهف لهذا اللقاء ويحب لقاء الله و'مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ ' وفي الأثر 'من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه' والمؤمن وإن أحب الحياة فإنما يحبها ليزيد عمله الصالح فيها ، وإن خاف من الموت فإنما يخاف ذنوبه وتقصيره، والسعيد من عمل لهذا الوعد الذي لا مفر منه ولم يغتر بظاهر متاع الحياة الدنيا وفتح مسامع قلبه للنداء الرباني ' يَا
أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ' وما من يوم يمر إلا ويغادرنا بعض الأحباب والإخوة دنيانا الفانية إلى دار البقاء. فالموت خير واعظ لمن أراد الموعظة، فكما ننعي كل يوم فلان وعلان الذي انتقل إلى رحمة الله، سيأتي اليوم الذي يكون فيه اسمي واسمك في قوائم النعي، فالسعيد من أقبل على الدنيا الفانية ليوظفها في زيادة رصيده في الحياة الأبدية، والشقي من أّذهب طباته في هذه الحياة غافلاً عن الآخرة، ومن نسي الله أنساه الله نفسه ومستقبله الحقيقي'يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوااللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُالْفَاسِقُونَ'
وختاما علينا أن نسأل أنفسنا: هل نرجو لقاء الله حقاً وهل نشتاق لذلك الموعد؟ إذا كانت الإجابة بنعم فاعلم أنك في الطريق، ومن تردد في الإجابة فليبادر لإصلاح ما بينه وبين الله فأبواب التوبة مفتوحة والله يحب التوابين.