طريقة تفسيرنا لسلوك غيرنا يترتب عليها الكثير من الأمور الإيجابية والسلبية، فطريقة التفسير السليمة تساعدنا على اختيار طريقة رد الفعل المناسبة والتجاوب الإيجابي مع الموقف، وعلى ضوء طريقة تفسيرك السليم لسلوك الآخر، واختيارك الراشد لطريقة التجاوب يصفك الناس بالرجل الحكيم ومن يؤتيه الله الحكمة فقد آتاه خيراً كثيرا.
وتأتي أهمية التفسير الصحيح للسلوك عند ملاحظة سلوك غير طبيعي أو غير متوقع، فالكثير من الناس يصدر الأحكام على الآخرين بمجرد ملاحظة سلوك غير متوقع أو غير طبيعي، ويعتبرهذا السلوك لصيقاً بشخصية الآخر دون مراعاة الظروف الخارجية التي دفعته للقيام بهذا السلوك، فنحن البشر عندما نفسر سلوكياتنا الايجابية نميل إلى اعتبارها انعاكساً لشخصيتنا الداخلية، وعندما نفسر سلوكياتنا السلبية نعزوها إلى البيئة الخارجية والظروف الضاغطة.
ولكننا عندما نفسر سلوك الآخرين نميل إلى العكس، فنعتبر السلوك السلبي سمة من سمات من يمارسه أياً كان والسلوك الإيجابي الصادر عن الأخرين نتاج الظروف والبيئة الخارجية.
وحتى نتحرر من تضليل هذا التحيز للذات أضع بين أيديكم نتائج دراسة حديثة حول هذا الموضوع نشرتها العام الماضي مجلة “الشخصية وعلم النفس الاجتماعي” لـ “Irmak Okten” و”Gordon Moskowitz”، وتوصلت إلى أن هناك بُعدَان يأخذها الناس بعين الاعتبار عند تفسير سلوك الآخرين أولهما ما إذا كان الشخص يقوم بالسلوك طوال الوقت، وثانيهما ما إذا كان يفعل ذلك فقط في ظروف معينة وفِي كل مكان، فتوصلوا إلى أن السلوكيات التي تتسم بدرجة عالية من الاتساق (تبدر من الشخص طوال الوقت) وليست صادرة لظروف خاصة يتم تفسيرها على أن هذا السلوك هو سمة لهذه الشخصية، ولكن السلوكيات التي لا تكون متسقة أو السلوكيات الطارئة التي تتم فقط في حالات محددة تكون في الأغلب ناتجة عن غاية معين يُراد تحقيقها في ذلك الوقت، أو ضغط خارجي، وبناء على ذلك تأتي أهمية التأني في إطلاق الأحكام على الآخرين بسبب بعض التصرفات الغريبة والتي قد تجر للوقوع في الريبة وسوء الظن والأحكام الظالمة على الآخرين بمجرد صدورسلوكيات غير متوقعه من بعضهم.