للحكم الرشيد والنظام الصالح معايير عالمية ومؤشرات من خلالها يحكم الباحث والمراقب على مدى اقتراب هذا النظام من حالة الرشد والصلاح المالي والإداري والديمقراطي، وهذه المعايير التي توصل إليها علم السياسة البشري بعد دراسات عميقة لحصاد التجارب البشرية وعلم الاجتماع السياسي يجب أن يستوعبها الفقه الإسلامي ويستفيد منها في ضوء مقاصد الشريعة الإسلامية الهادف إلى تحقيق العدل والخير والمصلحة.
و من هذه المعايير حسب دراسات اعتمدها البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة :' المشاركة' فالشرعية السياسية الحديثة تعتمد على المشاركة الشعبية الواسعة في الشأن العام، ويجب أن تتيح الدول الحرية الكاملة لجميع المواطنين للمشاركة في الشأن العام عبر الانتخابات ومباشرة عبر وسائل التواصل والإعلام وبدون أي قيود على حرية الراي أو تمييز يتناقض مع مبدأ المواطنة المتساوية. والمعيار الثاني' حكم القانون' الذي يجسد إرادة الناس ويحمي حقوقهم و حرياتهم ومصالحهم، وينبغي أن يحتكم الجميع لهذا القانون ولا يوجد أحد فوق القانون فدولة الحكم الرشيد هي دول الحق والقانون، والمعيار الثالث' العدالة والإنصاف والمساواة' في تكافؤ الفرص بمعنى إعطاء الجميع فرصاً متساوية للتنافس في تحسين أوضاعهم، فإذا ظهرت تفاوتات بعد إعطاء الفرص المتساوية والعادلة فهذا التفاوت تفاوت طبيعي لا يتناقض مع مبدأ المساواة، والمعيار الرابع' الشفافية' وتعني توفر المعلومات لجميع المواطنين كشرط لتفعيل المعيار الخامس وهو معيار ' المساءلة والمحاسبة، فبدون شفافية المعلومات لا يمكن وضع نظام ناجح وفاعل للمساءلة والمحاسبة للسياسيين والإداريين وعبر مؤسسات قضائية مستقلة. والمعيار السادس 'الاستجابة وتقديم الخدمات لجميع فئات المجتمع وخاصة الفقراء والمهمشين.
والسابع' الكفاءة والفاعلية' وتتمثل بالقدرة على التخطيط الذكي والاستغلال الأمثل للموارد المتاحة وتنفيذ الخطط بكفاءة وفاعلية. والمعيار الثامن' الرؤية الإستراتيجية ' التي تنطلق من الهوية الثقافية للدولة وفلسفتها الاجتماعية والتي تهدف على تحقيق طموحات المجتمع وتحسين مستوى حياته وتعزيز حقوقه وحرياته. والمعيار الأخير' التوافق' في تسوية الخلافات الداخلية لتحقيق الانسجام و تعزيز السلم الاجتماعي.