يخلط البعض بين مفهوم محاسبة النفس الإيجابي ومفهوم جلد الذات السلبي، فجلد الذات والإسراف في معاتبة النفس وتأنيبها واتهامها بالعجز والفشل دون خطة تطويرية يتحول إلى عامل تثبيط وهو نتاج غياب محاسبة النفس الدقيقة والتعرف على نقاط الضعف والقوة للاستفادة من عوامل القوة في تقوية عوامل الضعف أو تعويضها. أما مفهوم محاسبة النفس فهو مفهوم إيجابي يهدف إلى التعرف على خطوات تقدمك في تطوير ذاتك وتحقيق أهدافك كما يهدف إلى التعرف على نقاط الضعف ومواطن الفشل لمعالجتها والانتصار عليها بروح إيجابية.
وقد توسع مفهوم محاسبة النفس اليوم في علم الإدارة الحديثة وأصبح التقويم والمراجعة ركناً أساسياً من أركان أي عمل فردي أو مؤسساتي ناجح. فهذه المحاسبة العلمية هي الكفيلة بالتأكد من مدى تحقيق الأهداف ومدى صلاحية الوسائل والاستراتيجيات التي نستخدمها، وبواسطتها نتمكن من الحكم على المسارات التي نسير عليها والمسالك التي نسلكها والوسائل التي نستعين بها، فنستبدل ما لا يفيد أو يفيد بدرجة ضعيفة بما هو أكثر جدوى وأكثر فاعلية.
إن مفهوم محاسبة النفس من المفاهيم التي لا نستغني عنها في جميع مجالات حياتنا، فكما نحتاج إليه في حياتنا الإيمانية لمعرفة علاقتنا بخالقنا وقدرتنا على مقاومة غرائز النفس الأمارة بالسوء والسير في طريق الاستقامة، نحتاج إليه في حياتنا العملية ونحن نحقق عبوديتنا لله في تطوير أنفسنا وقدراتنا واستثمار هذه القدرات في التنمية الشخصية والعامة.