في ظل التحديات التي فرضتها العولمة والثورات الرقمية والصناعية وتعقيدات الحياة العصرية وتطور العلوم والمعارف، فإن الخطاب الدعوي ما يزال يفتقد إلى الجهود الجادة التي تعمل على تطويره ليكون بحجم التحديات ويستوعب المتغيرات ويعتمد على الأسس العلمية والنفسية والاجتماعية والعاطفية والإستراتيجية ويستجيب للاحتياجات المتجددة، فهذا الخطاب ما يزال يفتقد إلى مؤسسات مخلصة متفرغة مستقلة قادرة على تحديد الكفايات الجديدة التي يجب على الدعاة الإحاطة بها في العصر الراهن والتدريب عليها، وتحديد مواصفات الخطاب الدعوي الواعي والعميق و القادر في نفس الوقت على التأثير مع مراعاة الظروف الراهنة والتعقيدات القانونية والاحتياجات الخاصة بكل مجتمع، حتى تتوفر لهذا الخطاب البصيرة المطلوبة في القرن الواحد والعشرين، وما يزال الخطاب الدعوي يفتقد إلى دراسات تطويرية جادة تعمل على تحديد مستويات الجودة استجابة للتكليف الإلهي الذي يلزمنا أن يكون خطابنا الدعوي ' بالتي هي أحسن' والتي هي أحسن تعني أقصى درجات الإحسان والإتقان والجودة، كما أن هذا الخطاب يفتقد إلى مؤسسات خاصة بالتقويم والتقييم والمراجعة.
إن مهمة تطوير الخطاب الدعوي ليست مهمة جماعة أو أشخاص، فالأصل أن تتضافر جميع الجهود من أجل تطوير هذا الخطاب.
وما أحوجنا إلى بناء مؤسسات خاصة بتطوير الخطاب الدعوي تعمل على استنفار الجهود والطاقات وتوحيدها، وهذا الباب من أعظم أبواب الجهاد الفكري التي يجب أن يشارك فيها كل بحسب قدرته وموهبته، فصاحب المال يجاهد بماله وصاحب الفكر بفكره وصاحب العلم بعلمه مع أهمية تفريغ كفاءات أكاديمية وتقنية وعلمية للقيام بخير وظيفة في هذا الوجود ' ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وقال إنني من المسلمين'.