الإنسان في التصور الإسلامي نفخة من روح الله ومخلوق مكرم ميزه الله بالعقل وأسجد له الملائكة ومنحه حرية التكليف، واستخلفه في الأرض وسخر له ما في السموات والأرض. وعلى هذا الأساس العقائدي يجب أن تتأسس تربيتنا لأطفالنا في إدراك قيمة وجودهم وتنمية الثقة بالذات واحترام النفس والشعور بالكرامة.
وقد يتعرض الكثير من الأبناء للشعور بتبخيس الذات والدونية نتيجة التربية الخاطئة والفشل في مواجهة بعض المواقف والتفسير السلبي للتجارب الفاشلة، أو نتيجة بعض الطرق الخاطئة في تنمية الثقة بالذات.
فمن الطرق الخاطئة الاعتماد في تنمية الثقة بالذات على المقارنة مع الأقران، فقد يشعر الطفل بالثقة المؤقتة بالنفس عند مقارنته بأقران أسوأ منه ولكنه في المقابل سيشعر بتبخيس الذات عندما يقارن نفسه بمن هم أفضل منه، ولهذا نؤكد أن المنطلق السليم لتنمية الثقة بالذات هو المنطلق الذي يعتمد على التصور الإسلامي للإنسان ورسالته في الحياة، فالثقة التي يتم بناؤها على هذا الأساس لا تتحول إلى غرور وتكبر، بل تتحول إلى قوة دافعة للعمل الايجابي والتعاون المثمر مع الآخرين والسعي من أجل إسعاد الذات وإسعاد المجتمع. وفي التصور الإسلامي لتقدير الذات يجب على المؤمن أن يفتخر بما أنعم الله عليه من المواهب' وأما بنعمة ربك فحدث' ولكن هذا التفاخر لا يتحول على انتهار وسخرية من الآخرين ولا سميا من لم تساعدهم الظروف على تطوير أنفسهم' وأما اليتيم فلا تقهر* وأما السائل فلا تنهر'. ويرتكز التصور الإسلامي لتقدير الذات على الثقة المطلقة بالقوة العظمى في الوجود والتوكل على الله والحديث الايجابي للنفس كما كان يربي قدوتنا الحسنة صلى الله عليه وسلم أصحابه.
فحتى الآلام والمواقف الصعبة يحولها عليه الصلاة والسلام بكلماته الايجابية إلى تعزيز للذات فكان يعلم أصحابه أن حياتهم من نسيج تصوراتهم وحديثهم الايجابي أو السلبي وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذهب ليعود أعرابياً مريضاً بالحمى فقال له مبشراً ومحفزاً 'لا بأس طهور إن شاء الله' فقال الأعرابي : بل هي حمى تفور،على شيخ كبير، تُزِيرُهُ القبور.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فنعمْ إذًا' وخلاصة القول إن الانطلاق من التصور الإسلامي في بناء تقدير الذات عند الأبناء هو الأساس السليم الذي يعصم الأبناء من الوقوع في الأخطاء التي تنجم عن إفراط التربية الحديثة في تنمية النزعة الذاتية والتي قد تصل إلى النرجسية والأنانية، وفي نفس الوقت يعصم هذا التصور الأبناء من الانتكاسات في حالة الفشل اعتماداً على الإيمان بالقضاء والقدر و سنة الابتلاء وأن الله إذا أغلق على الإنسان باب فتح له ألف باب.
