حسب مركز الاحصاء الوطني في تونس فإن أربع حالات طلاق تحدث كل ثلاث ساعات وحسب إحصائيات وزارة العدل السعودية فإن ثمان حالات طلاق تحدث كل ساعة ويصل عدد المطلقات في مصر وحدها حسب الاحصائيات الرسمية إلى 2.5 مليون حالة وخلال عام 2017 وصلت حالات الطلاق في المغرب إلى مائة ألف حالة. هذه الأرقام تدق أجراس الخطر حول مستقبل واقع الأسرة العربية فهذه الأرقام تؤكد تأثير المتغيرات العصرية في تصدع الكياني الأسري فالطلاق وإن كان أبغض الحلال فإنه قد يرتقي إلى درجة الكراهية والحرمة حسب دوافعه، وما يترتب عليه فالطلاق الناتج عن خلاف تافه، أو مزاج متعكر،أو مجرد الرغبة في التخلي عن المسؤولية، أو البحث عن بديل؛ لا يأخذ حكم الطلاق الناتج عن خلافات عميقية يستحيل معها بقاء الحياة الزوجية.
وتأثيرات الطلاق لا تقتصر على الحياة النفسية والصحية للزوجين، بل تتجاوز ذلك إلى خلخلة حياة الأبناء وافتقادهم للحياة الأسرية المستقرة التي تتكامل فيها أدوار الأبوة والأمومة في التربية المتوازنة. وإذا كان مواجهة هذه الظاهرة إلى تكاتف جهود مؤسسات الإعلام والمؤسسات التربوية ومراكز الإرشاد النفسي والاجتماعي، فإننا هنا سنتوقف أمام أهم سبب محدد لهذه الظاهرة وهو التسرع في الاختيار –مع التأكيد أن للظاهرة أسباب كثيرة تحتاج إلى دراسات معمقة-.
وهنا ألفت نظر الشباب المقبل على الزواج وأسرهم بأهمية التفكير الجدي بموضوع الزواج وعدم التسرع في اتخاذ قرار الزواج بدون دراسة وتفكير عميق في مدى إمكانية التوافق النفسي والفكري بين الزوجين وتجنب اتخاذ قرار الزواج في لحظة نزوة أو لمجرد رغبة عابرة وإعجاب سطحي، وكما يقول المثل' في التأني السلامة'.
ونقصد هنا بالتأني، التأني المتزامن مع الاستشارة لأهل الحكمة في الأسرة والأصدقاء والمراكز الخاصة بالدعم الاجتماعي، إن قرار الزواج قرار مصيري سيؤثر على مستقبل الزوجين مدى الحياة، فلا ينبغي أن يتم اتخاذ هذا القرار بالإكراه الاجتماعي، أو الإعجاب العاطفي أو الجسدي المؤقت، فالبداية السليمة تحدد بوصلة النهاية السعيدة. وبدون شك لظاهرة الطلاق أسباب كثيرة ومعقدة لا يتسع المقام هنا لتناولها وتحتاج إلى دراسات ميدانية، ونكتفي هنا بالتأكيد على أهمية حسن الاختيار والتفكير قبل اتخاذ القرار بجميع أبعاد الزواج ومسؤولياته.