كرّم الله بني آدم وأسجد لهم الملائكة ونفخ فيه من روحه وأي تعظيم أجل وأشرف من هذا! ومنحهم العقل وهو مناط التكليف وعلمهم اللغة والتفكير وسخر لهم ما في السموات والأرض. والمؤمن المتشبع بهذا المنظور الإيماني للنفس البشرية يقدّر ذاته ويستثمر ما وهبه الله من طاقات في تعمير الكون والاستفادة من السنن الكونية في التعامل مع مستجدات وقضايا الحياة، ويكتشف جوهره الروحي السامي ومعدنه الإلهي النفيس فيتجاوز فلسفة عبادة الجسد المادية ويحلق في آفاق الكمال البشري ويحترم إخوته في الإنسانية ويعتبرهم شركاء له في أصل الخلقة وفي النفحة الربانية في بداية الخلق، فلا يستكبر عليهم بغير الحق ويعلم أن الله ميّز كل مخلوق بمزايا خاصة وقدرات نادرة وحدد له بصمته في التأثير والتفاعل. فعلى الإنسان أن يعيد اكتشاف نفسه ليعرف أسرار قوته الذاتية ومجال تميزه وموهبته الخاصة.
أخي الحبيب: كل ما عليك فعله أن تؤمن بفضل الله عليك وأن تبحث عن نعم الله عليك في نفسك لتكتشف أسرار قوتك الخاصة ومن خلال التجربة والعمل التطوعي في مجالات متعددة ستكتشف المجال الذي تشعر أنك وجدت ذاتك فيه وأنك تحبه وتحب أن تنتسب إليه وأن تطور مهاراتك للتمكن منه، والله في عون العبد ما كان العبد في عون نفسه وعون إخوانه.