عندما أخبر الهدهد نبي الله سليمان عليه السلام أنه جاءه من سبأ بنبأ يقين، كان الموقف الحكيم الذي اتخذه سليمان هو الالتزام بالمنهج العلمي في التعامل مع الأخبار؛ باختبارها والتثبت من صدقها من مصادر أخرى وإخضاعها للنظر والتأمل و التحليل المنطقي 'قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ' وكما أن الثبت والتبين في التعامل مع الاخبار والشائعات هو امتثال إيماني للتوجيهات القرآنية ' فتبينوا' وهو اهتداء بمنهج الأنبياء، فهو أيضاً خلق الأسوياء وقيمة أخلاقية حميدة وقيمة عقلية وعلمية تعمل على تنمية الفكر الناقد في غربلة الأخبار والرسائل الإعلامية وتمحيص الأخبار الزائفة والأراجيف المغرضة.وقد حذّر القرآن الكريم من تداول الشائعات وأرشد من يفتقد القدرة على التمحيص للأخبار بأن يعود إلى أهل الشأن والعلم والخبرة' وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا ' 'إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ ' وفي عصرنا الراهن أصبحت الشائعات تنتشر بسرعة فائقة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ويسارع البعض إلى تعميم هذه الشائعات ونقلها من مجموعة إلى أخرى دون تبين أو تثبت. وعندما تعاتب أحدهم على نشر هذه الأكاذيب يقول لك بكل بساطة أنا وجدتها في المجموعة الفلانية ونقلتها كما هي!!!! ويظن أنه لم يرتكب أي مخالفة شرعية وأخلاقية وعلمية مهنية. ومردُّ ذلك إلى الجهل بالفقه الشرعي في التعامل مع تقنيات التواصل الحديثة الأمر الذي يحتّم على الدعاة والفقهاء الاجتهاد في ترسيخ فقه جديد لأحكام التواصل في عصر ثورة الاتصالات والتقنيات الرقمية.