حرم الله الظلم في جميع الأوقات وخص الله بعض الأوقات بتشديد الحرمة وتغليظ العقوبة' إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ' قال قتادة في تفسير الآية 'إنّ الظّلم في الأشهر الحُرم أعظم خطيئةً ووزراً من الظّلم فيما سواها، وإن كان الظّلم على كلّ حالٍ عظيماً ولكنّ الله يعظّم من أمره ما يشاء' وقد بدأت في هذا الشهر –ذي القعدة- الأشهر الثلاثة المتوالية من الأشهر الحرم. وإذا كان الله قد عظم هذه الأيام وأكد على حرمتها فمن دلائل التقوى تعظيم ما عظمه الله' ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوب' وانتهاك حرمات الله في هذه الأشهر ظلم للنفس بتعريضها لغضب الله. وكما ضاعف الله العقوبة على ارتكاب المعاصي في هذه الأيام من الأشهر الحرم فقد ضاعف أيضاً ثواب العمل الصالح كما أكد ذلك ابن عباس وقتادة في تفسير الآية. وحري بنا أفراداً وجماعات وحكومات أن نجعل من هذه الأشهر الحرم فرصة للمراجعة والتأمل في المظالم التي تعشعش في حياتنا الشخصية والعائلية والسياسية والتناهي عن الظلم والإثم والعدوان والتعاون على البر والتقوى.