أتاح الله طيبات الحياة الدنيا للمسلم وغير المسلم للطائعين والعصاة وجعل الله الحياة دار اختبار فمن أقبل على طيباتها شاكراً لأنعم الله معترفاً بفضله ومؤدياً حقوق المحتاجين وساعياً في سبيل نصرة المستضعفين وتحقيق العدالة ومقاومة الفساد في الأرض بعد إصلاحها مكثراً من ذكر الله فقد سلك سبيل الصالحين وجعل الدنيا في يديه لا في قبله واستخدمها في طاعة الله وتلكم هي حقيقة الحياة في سبيل الله'. ومن أقبل على الدنيا ونسي فضل الله عليه وطغى وتجبر وقال قول قارون' إنما أوتيته على علم عندي' عندما رزقه الله من' من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة' فقد خسر الدنيا والأخرة، خسر السعادة الحقيقية في الدنيا لأنه يفتقد المعنى الذي يعيش من أجله ويعيش في جحيم نفسي رغم كل ما يمتلكه من زخارف الدنيا لأن هذه الزخارف امتلكته ولم يمتلكها فاستعبدته في الدنيا وستورده يوم القيامة أسوأ الموارد.
وهذا جزاء من عجز عن الحياة في سبيل الله ولم أعرض عن التوجيه القرآني في تسخير ما رزقنا الله من أجل الآخرة 'وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا' وللمفسرين في تفسير قوله تعالى ' ولا تنس نصيبك من الدنيا' قولان: القول الأول رواه الطبري عن ابن عباس ومجاهد وغيرهما من التابعين وخلاصته:' أي لا تنس أن تستخدم نصيبك في الدنيا من أجل الأخرة: والقول الأخر عن ابن كثير والسعدي أن المقصود 'أن تستمتع بدنياك استمتاعاً لا يثلم دينك، ولا يضر بآخرتك '. والحياة في سبيل الله كما أكد أهل العلم أصعب بكثير من الموت في سبيل الله لأنها تستلزم المجادة الدائمة لنوازع النفس البشرية وأهوائها ووسوسة الشيطان وإغراءات المتعة المجردة من المعنى الرباني والشعور الإيماني العميق بفضل الواهب