يقلب الله الابتلاءات للبشر بالشر والخير فتنة بالنصر والهزيمة والمرض والصحة والفقر الغناء والشدة والرخاء. و في غمار هذه الابتلاءات تضعف همم الكثير من الناس وتخبو في نفوس البعض روح التدين، وتتغلب روح الإحباط وتهتز ثقة البعض بالله ويظن البعض بالله الظنون. وبعض هذه التقلبات ظاهرة طبيعية لم يسلم منها حتى بعض الصحابة عندما اشتد عليهم الحصار في غزوة الخندق وحاصرهم الأعداء من فوقهم واشتد الكرب كما وصف القرآن الكريم شدة البلاء في قوله تعالى ' إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا * هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا * وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا' فإذا كانت هذه الظاهرة قد حدثت في العصر الأول للرسالة فلا ينبغي أن يستغرب الدعاة من عودة بعض أمثال هذه الظواهر كلما مرت الأمة بتحديات كبيرة وابتلاءات شديدة وتناوشت المسلمين الصادقين السهام من كل حدب وصوب من فوقهم ومن أسفل منهم وزاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر . وفي خضم هذه الابتلاءات لا ينبغي للدعاة انتظار المعجزات، فقد أوكل الله إليهم مهمة مقارعة الباطل والعمل على إحياء روح الإيمان وترسيخ التدين من جديد وتعزيز الثقة بالله والتأكيد على أن ما عند الله خير من الدنيا وما فيها وأن وعد الله حق 'يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور' وأن معدن المؤمن الأصيل يتجسد في قدرته على الحياة وفقاً لقيمه ومبادئه في الظروف الصعبة والتحديات الكبيرة وفي الانتصار لدينه كلما تكالبت على الدين والتدين والمتدينين المؤامرات وهبت رياح الفتن.