أظهرت نتائج دراسة حديثة أن المراهقين يقضون 3 ساعات إضافية في اليوم على وسائل التواصل الاجتماعي، وتؤكد دراسة أخرى أن الأطفال ممن تتراوح أعمارهم بين 13 و14 عاما 'ممن يقضون ما بين 6 و9 ساعات على مواقع التواصل الاجتماعي أسبوعيا يزيد بنسبة 47 %احتمال قلقهم وتوترهم وشعورهم بعدم السعادة مقارنة بنظرائهم الذين يقضون ساعات أقل'. و توصلت دراسة حديثة إلى أن الأطفال يتعرضون لخطر 'عاطفي كبير' على وسائل التواصل الاجتماعي، ولا يتوقف هذا السيل المتدفق من الدراسات التربوية الحديثة التي تدق ناقوس الخطر حول تأثير مواقع التواصل على الأبناء ومن يتابع النتائج الاحصائية لنماذج من هذه الدراسات يجد على سبيل المثال هذه المعلومات ' نصف أولياء الأمور يقولون إن تحديد ساعات استخدام الكمبيوتر معركة يومية مع الأطفال - 78% من المراهقين يتفقدون هواتفهم كل ساعة - 50%يقولون إنهم مدمنون لهواتفهم..'
فضلاً عن الدراسات التي تحدثت عن أضرار تبادل مواد العنف أو مواد غير أخلاقية في مرحلة عمرية حساسة وخطيرة وفضلا عن الدراسات الخاصة بالمخاوف الأمنية على الأطفال وإمكانية تعرضهم إلى الابتزاز والتخويف عبر النت مع إمكانية تحديد مواقع تواجدهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي أواحتمال تعرضهم للتحرش كما تؤكد حدوث ذلك دراسات أخرى أو احتمال تجنيدهم في جماعات العنف أو العصابات الإجرامية، و فضلاً عن المشكلات التي يمكن أن يتعرض لها الأطفال من الأسر ذات الدخل المنخفض حين يقارنون أنفسهم بأطفال آخرين من أسر غنية من خلال مشاهدة الصور والرحلات والأنشطة التي تمارسها بعض الأسر الميسورة ويتم نشرها في مواقع التواصل.
وواقع الحال يؤكد أننا أمام هذه الدراسات وأمام الوقائع التي نعيشها ونشاهدها بأعيننا لم نعد نجادل في مخاطر وسلبيات مواقع التواصل على الأبناء وإذا كان البعض يتحدث عن فوائد محدودة لهذا الوسائل في توفير المتعة وتحقيق رفاهية التواصل وتشجيع الأطفال على إثبات وجودهم في العالم الافتراضي وتسهيل التواصل بين الأصدقاء وأفراد العائلة فإن جميع هذه الفوائد يمكن تحقيقها في العالم الحقيقي بصورة أفضل وأسلم. ونحن في هذه التناولة ونحن نؤكد على حجم مخاطر وسلبيات مواقع التواصل على الأبناء فإننا لا نجنح بعيداً عن الواقع ولا نطالب بالمنع المطلق لتعامل الأطفال مع الأجهزة الذكية وعالم النت ولا نتنكر لوجود الإيجابيات بقدر ما ندعو إلى التفكير الجدي في تدخل الآباء لتنظيم تعامل الأبناء مع مواقع التواصل والأجهزة الذكية والألعاب بصورة عامة، ومع إدراكنا لانشغال الكثير من الآباء والأمهات في التزامات معيشية مع تعقيدات الحياة العصرية فإن ذلك لا يعفيهم من بذل الجهد في متابعة تأثيرات مواقع التواصل على صحة أبنائهم الجسدية و النفسية وتحصيلهم العلمي وسلوكهم الشخصي والاجتماعي، خاصة أنهم يتحملون جزءا كبيراً بانشغالهم عن أبنائهم و تركهم ليكونوا ضحايا العالم الافتراضي حين هضم حقهم الواقع الحقيقي. ولم يعد مقبولا الاحتجاج بالجهل في كيفية مواجهة الظاهرة في ظل توفر المراكز الاستشارية وإمكانية الحصول على الاستشارات عبر مواقع التواصل ونفسها ومع تعدد مصادر المعلومات.
وفي جميع الأحوال فإن من يبذل الجهد لن يعدم الفائدة وسيجد ألف طريقة وطريقة ترشده إلى كيفية استغلال وقت فراغ الأطفال بالأعمال الإيجابية في عالم الواقع وكيفية ترشيد تعاملهم مع مواقع التواصل وتحديد القواعد الأخلاقية للتعامل مع مواقع التواصل والتي تشمل وقت الاستخدام ومكان الاستخدام والغرض منه والتزام الأبناء بالتواصل مع الآباء عند ملاحظة أي تصرف مريب أو الشعور بأي مشكلة صحية ناتجة عن إساءة الاستخدام أو الافراط فيه وغير ذلك. وما نؤكده هنا إن الجهد اليسير الذي نبذله في حماية أبنائنا من سلبيات مواقع التواصل سينعكس بصورة إيجابية على مستقبل الأبناء وسعادتهم ونجاحهم في الحياة كما سينعكس قبل ذلك على رصيد حسناتنا يوم نلقى الخالق عز وجل وقد أدينا أمانة التربية على الوجه الأمثل والله من وراء القصد.