استكمالاُ للوقفات التربوية في سورة البقرة نتوقف هذا الأسبوع مع الآيتين 26 إلى 27'
'إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ (26) الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (27)'
'إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا' ما أعظم هذا الدرس التربوي في عدم إغفال الحكم الجليلة فيما يظنه الناس تافهاً وحقيراً فالأشياء لا تقاس بحجمها بل بتأثيرها.
تؤكد الدراسات أن ملايين البشر وافتهم المنية بسبب أمراض تنقلها هذه البعوضة الصغيرة التي يحتقرها البعض ولو أجتمعت البشرية على خلق بعوضة ما افلحت.
' فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ' العقول المفتوحة لقبول المواعظ والأمثال والقلوب الحية والعالمون من الناس هم فقط من يستفيدون من هذه الأمثال' وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون'
هذا موقف أهل العلم والعقل والتقوى أما الذين أعمت الجهالة عقولهم وقلوبهم فلا تزيدهم هذه الأمثال إلا ضلالا ' وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ'.
فما صفات هؤلاء الفاسقين ؟ ' الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ'
' الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ ' خيانة العهود والمواثيق هي الصفة الأولى لهؤلاء الفاسقين وهي أخطر صفة تهدد السلم الإجتماعي وأي نقض لأي عهد أمر الله ألناس بالوفاء به هو نقض لعهد الله
' وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ' من سمات الفاسقين تمزيق الروابط الأخوية والاجتماعية والسياسية والإيمانية للمجتمع التي تحافظ على وحدة كلمة الأمة وقوتها وتماسكها
' وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ' من سمات الفاسقين محاربة الإصلاح بجميع أنواعه الإصلاح العقدي والأخلاقي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي الخيري وتشجيع الفساد في الأرض ومساندة الطغاة ومحاربة قيم العدل والحرية والتوحيد .