إعلامي إماراتي .. مستشار في علم النفس التربوي

يا ليت والداي يعرفان
تحت ضغط السيرورة الطبيعية يجد الكثيرون منا أنفسهم فجأة وقد أصبحوا آباء ومسؤولين عن تربية جيل جديد ويكتشفون أنهم لم يخططوا مسبقاً للتعامل مع هذه المسؤولية العظيمة والاستعداد لها الأمر الذي يضطرهم إلى طريقين من طرق التربية: الركون إلى الطريقة التقليدية في التربية والاستسلام للمقولات الشائعة 'كما ربانا أباؤنا سنربي أبناءنا'. أو الطريق الآخر وهو محاولة استخدام أسلوب معاكس للأسلوب التي تعلمه الوالد الجديد من والده لنفور شخصي بسبب أخطاء معينة. وكلا الطريقين من علامة التخبط والركون إلى العفوية في قضية خطيرة وحساسة فالتربية التي تلقيناها من آبائنا وإن كانت نافعة ومفيدة فقد كانت نافعة لنا في زماننا وتتفق مع خصائصنا النفسية، هذا في حال كون آبائنا على حظ عظيم من الذكاء التربوي أو الإعداد الأكاديمي في مؤسسات تربوية. وإذا لم يكن لهم حظ من علم التربية فالكارثة أعظم.فالزمن يتغير تغيرات متسارعة تجعل مهمة التربية معقدة للغاية حتى أمام أصحاب التخصصات التربوية والمؤهلين فكيف بغيرهم. الأمر الذي يحتم إيلاء تربية الأطفال أهمية قصوى إذا أردنا إعداد أجيال المستقبل وفقاً لمنظومة قيمنا الحضارية ومتطلبات العصر وإعدادهم لمستقبلهم الحقيقي في الدار الآخرة وإعدادهم لحياة سعيدة وناجحة.
ولا مناص في عصر اليوم من إيجاد مؤسسات للتربية الأسرية توازي المؤسسات التعليمية أو تتحول التربية الأسرية إلى مادة إلزامية في مناهج التعليم في المستويات العليا وفي جميع التخصصات مع أهمية الحاجة الماسة إلى مراكز تربوية وعيادات استشارية لتوفير خدمات التوجيه والمعالجة الفورية لأي إشكاليات تواجه الأسرة وتنظيم دورات تأهيلية للزوجين قبل وبعد الزواج ل لمعرفة تفاصيل التربية الشاملة للأطفال، مع أهمية متابعة الدراسات الجديدة والمفيدة في عالم التربية.
ويجب أن ندرك أنه يوماً ما سيكبر أبناؤنا وسيشعرون بالندم في حال إدراكهم أنهم لم يتلقوا التربية الكافية والمناسبة، ويحملون آباءهم مسؤولية هذا التقصير وسيبدأ تأنيب' ياليت' ' يا ليت والدينا فعلا كذا ' يا ليت والدينا أرشدانا إلى كذا' يا ليت والدينا تعلما الأساليب الحديثة في التربية لكان وضعنا أفضل ' وتتعدد يا ليت بعد فوات الأوان.
والدراسات الحديثة تؤكد أن الأطفال لا يتأثرون فقط بالأساليب التربوية في التعامل المباشر معهم فهناك خصائص مهمة في شخصية الأب والأم تؤثر بصورة مباشرة على الأطفال. كما تؤكد الدراسات أن نوعية علاقة الأب بالأم لها تأثير بالغ على تربية الأطفال ومستوى قدرة الأب على التحكم بأعصابه والتحكم بحالات التوتر لها الأثر البالغ في التربية. فالأطفال يتأثرون بطريقة تعامل الوالد مع الأم ومدى احترامه لها واعتذاره لها عند الخطأ، ولهذا تنصح الدراسات أن يعالج الأب والأم مشاكلهم العميقة بعيداً عن أعين الأطفال. وهناك عدة مهارات وخصائص يجب على الأبوين معرفتها قبل دخول مرحلة الأبوية أو بعدها لمن فاته الأمر والتعامل معها بجدية وللحديث بقية في مقالات قادمة.