إعلامي إماراتي .. مستشار في علم النفس التربوي

المسجد الأقصى وواجبنا التربوي
بعد ثورات الاستقلال والتحرر من الاستعمار كان الجرح الذي زرعه المستعمر في قلب جسد الأمة العربية والإسلامية 'فلسطين' ما يزال فائراً وقضية احتلال المسجد الأقصى وقبة الصخرة تلهب مشاعر المسلمين و كانت القلوب تتلهف شوقاً للمشاركة في تحرير المقدسات الإسلامية وتبحث عن القيادة السياسية التي تعبر عن إرادة الشعوب وتعمل على تحقيق تطلعاتها.
      
ومع توالي النكسات و الاحباطات وغياب القيادة المعبرة عن إرادة الأمة ونجاح الاستعمار في احتواء ثورات الاستقلال واستبدال الهيمنة المباشرة بالهيمنة الذكية و تقادم جريمة احتلال المسجد الأقصى وسائر فلسطين ومع نكبة شعوبنا بأنظمة تابعة للخارج وقامعة للداخل  ومع كل ما سبق ؛ بدأت المؤامرات  والمساومات تأتي أكلها في إماتة الشعور وتجفيف المشاعر الفياضة بالحب والشوق للمسجد الأقصى والتوق إلى تحريره  وساهمت المؤسسات التعليمية والإعلامية الرسمية في التطبيع السلبي لاحتلال المقدسات  وبدأنا نلمس نواتج هذا التغييب المتعمد لقضية الأقصى في مواقع التواصل والإعلام الجديد مع انتشار وسائط مرئية تكشف عجز الكثير من الأبناء عن التفريق بين المسجد الأقصى وقبة الصخرة وجهلهم  بفضل المسجد الأقصى ومكانته التاريخية. 

ومن هنا تتعاظم المسؤولية التربوية أمامنا جميعاً في إحياء قضية الأقصى في قلوب وعقول الأجيال الصاعدة وإذا كانت قدراتنا محدودة في التأثير على المؤسسات التربوية والإعلامية  الرسمية فإن عصر الإعلام الجديد يفتح لنا آفاقاً واسعة للعمل على إحياء قضية الأقصى في نفوس الأجيال كما يجب علينا الاستفادة قدر الامكان من  الهامش المتاح لمؤسسات المجتمع الأهلية غير أن الدور الأهم والأساسي هو دور الأسرة فهي المؤسسة التربوية الأولى وهي اللبنة الأولى في البناء الاجتماعي وهي المؤسسة التي تحت مسؤوليتنا المباشرة والبعيدة عن تأثير وسيطرة الأنظمة  وانطلاقا من هذه المسؤولية التي تتحملها الأسرة باعتبارها الحصن الأول الأخير  لقيم الأمة وجدار مناعتها الأقوى في مواجهة جميع الفيروسات الخارجية يتوجب على الآباء والأمهات إحياء قضية الأقصى في نفوس الأبناء وتنمية مشاعر حبه و تنمية العاطفة الإسلامية الجياشة تجاه ويتوجب على الأسرة استخدام جميع الوسائل التربوية المتاحة والمشوقة كرواية قصص تحرير الأقصى من أيام عمر ابن الخطاب ومعارك حطين وعين جالوت وغيرها مع جلسات يومية أو أسبوعية  للتعريف بمنزلة الأقصى في الإسلام  مع تعليق صور ومجسمات  للأقصى. ومشاهدة برامج وثائقية عن الأقصى و التفاعل مع مناسبات الاسراء وغيرها من المناسبات المرتبطة بالأقصى  والتوعية بأحداث هذه المناسبات ودلالاتها  وتعويد الأبناء على المساهمة المالية و العملية لنصرة الأقصى ويمكن إحياة فكرة الحصّالات المالية للصغار وعليها صورة مصغرة للمسجد الأقصى و ننصح في هذا السياق  باستضافة بعض أهل الأقصى ليروي للأبناء مشاهداته لتشويقهم لتحريره وإثارة تعاطفهم مع معاناة أهلنا في فلسطين تحت وطأة الاحتلال وهكذا تورث أبناءنا ما أورثنا و أجدادنا من قبلنا  فلا نكون الحلقة المفقودة فنفقد الأقصى  إلى الأبد.