أراد الله لهذه الدار أن تكون دار امتحان و اختبار، تتعدد فيها مظاهر الابتلاءات بالخير والشر فتنة وإلى الله مرجعنا وعنده يوفى الناجحون في الاختبار أجورهم بغير حساب 'وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ الله لَمـَعَ المـُحْسِنِين' .
ولا مجال في هذه الحياة للراحة إلا راحة المؤمن الذي يجد الطمأنينة في الحياة في معية الله وذكره، ومغالبة أعداء الله، والعمل على مقارعة الطواغيت والمفسدين في الأرض، وقبل ذلك ومع ذلك مغالبة أهواء النفس وشهواتها وهذا هو الجهاد الأكبر، والواجب المطلوب على مدار الساعة وفي كل لحظة.
فكما أن شياطين الإنس والجن والأهواء لا تمنحنا أي هدنة وهي معنا في معركة دائمة، فإن واجبنا أن نكون على أهبة الاستعداد على مدار الساعة إذا مسنا طائف من الشيطان استعذنا بالله واستعدنا بصيرتنا الإيمانية' إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون * وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون'.
فأول مراحل المجاهدة ينبغي أن تكون في الخواطر فلا نسمح لخواطر السوء أن تستوطن تفكيرنا وتلوث نفوسنا إلا إذا استقرت باضت وفرخت وتحولت إلى وساوس وفتحت ثغرات لخطوات الشيطان' واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه' ولهذا يقول الإمام ابن القيم رحمه الله في ( مدارج السالكين ) 'من راقب الله في خواطره؛ عصمه الله في حركات جوارحه'