ثمة أشياء ليس في نطاق اختيارنا فقد اختارها الله لنا، فلم نختر نحن أباءنا وأمهاتنا وألواننا وأوطاننا ونحو ذلك، وثمة أشياء ترك الله لنا فيها الحرية لنتصرف فيه بموجب إراداتنا الحرة والتي بموجبها سنتعرض للمساءلة والثواب والعقاب، والتصرفات التي تأتي ضمن نطاق اختيارنا هي التعبير الحقيقي عن شخصياتنا وهي التي تشكل مستقبلنا في الدنيا والآخرة.
ومن هنا تأتي أهمية تنمية مهارة القدرة على الاختيار الحكيم، فالإنسان إنما هو مجموعة اختياراته، ونحن نواجه كل يوم مجموعة اختيارات يومية بصورة مستمرة تبدأ من نوعية الفطور والملابس التي سنرتديها وكيفية قضاء وقتنا الخ ومع ذلك وللأسف الشديد لم تقدم لنا المؤسسات التربوية حتى الآن مناهج علمية واضحة ومحددة في تنمية مهارة القدرة على الاختيار الحكيم ومن أوتي الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً،والحكمة إنما هي القدرة على إحكام الاختيار.
صحيح أن هناك مؤثرات تربوية غير مباشرة تؤثر على الاختيار وتعديل السلوك بما في ذلك التربية وثقافة المجتمع فمن كان صاحب حظ عظيم من التربية الصالحة كانت اختياراته أقرب إلى الحكمة وكذلك التجارب السابقة والمشاعر وطريقة التفكير ولكن ذلك لا يعني أننا نتعلم القدرة على الاختيار وفقاً لمنهجية واضحة ومحددة و في الفترة تبلورت نظرية الاختيار العقلاني من علم النفس العلاجي لتطوير قدراتنا على الاختيار السليم وسنتوقف أمام هذه النظرية في مقال قادم بإذن الله.
