إعلامي إماراتي .. مستشار في علم النفس التربوي

قراءة جديدة في نعمة الفراغ
من النعم التي امتن الله بها على الإنسان نعمة الفراغ، حيث جاء في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلم ' نعمتانِ مغْبُونٌ فيهما كثيرٌ من الناس الصِّحَّة والفراغ'.
 وحديثنا اليوم عن نعمة الفراغ ليس في سياق الحديث عن أهمية الوقت ولكننا بصدد الحديث عن أهمية وجود بعض أوقات الفراغ في حياة الإنسان للتأمل والاسترخاء الذهني والجسدي. وفي الوضع الطبيعي  مهما كان الإنسان منهمكاً في العمل فإنه يجد أوقات فراغ يلملم فيها ذاته المبعثرة ويجمع قواه النفسية ويعيش بعض لحظات الاسترخاء.
 وتؤكد اليوم دراسات علم التفكير والإدراك أن المناخ الخصب للإبداع  يتمثل في لحظات الفراغ وأن العقل لن يكون أكثر نشاطًا عندما نركز على مهمة ما، وعلى العكس تُظهر الأبحاث أنه يكون أكثر نشاطًا عندما نتخلى عن المقود ونسمح له بالتجول في لحظات التأمل والفراغ.
 وبناء على هذه الدراسات فإن الحياة الخالية من الفراغ هي حياة خالية من الإبداع أيضاً، ولكن تبديد أوقات الفراغ باللهو الفارغ والترفيه التواصلي في العصر الرقمي يحرمنا من الاستفادة من أوقات الفراغ التي تستريح فيها عقولنا وتقوم بربط النقاط والأفكار بعضها ببعض وهذا متطلب ضروري لتوليد الإبداع،  فالإبداع كما يقول ستيف جوبز:'هو مجرد ربطٌ للأشياء'.
 ومن هنا تأتي أهمية الانتباه لأوقات فراغنا والحفاظ عليها وعدم إهدارها في التواصل غير الضروري، وتأتي أهمية تحديد أوقات ننقطع فيها عن جميع أجهزتنا الالكترونية والخلوة مع النفس بعض الوقت.
إحالة مرجعية من هنا