إعلامي إماراتي .. مستشار في علم النفس التربوي

وأعوذ بك من غلبة الدًّين وقهر الرجال
توقفنا في المقالات السابقة مع الدعاء النبوي ' اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك من الجبن والبخل ' ونصل  اليوم إلى خاتمة الدعاء ' وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال' وغلبة الدَّين يعرفها الجميع، ولهذا سنقتصر في حديثنا على قهر الرجال، وما أكثر ضحايا هذا القهر في المجتمعات التي تسودها شريعة الغاب التي يأكل فيها القوي الضعيف ويبطش فيها الغني بالفقير وتشيع فيها سلوكيات التنمر مع تفشي تشجيع هذه الممارسات وتربية الأبناء في بعض المجتمعات على ممارسة التنمر على الآخرين واعتبار ذلك من مظاهر الرجولة.
وما أكثر ضحايا قهر الرجال في مجتمعات القمع التي تصادر حرية التعبير ويصبح الإنسان بين خيارين: بين خيار البقاء في الوطن مسلوباً من كل حرية إنسانية أو الهجرة، فكيف نواجه هذه الظاهرة؟
تؤكد تعاليمنا الدينية أن تصحيح العلاقة بالله هي الخطوة الأولى للتحرر من جميع أنواع القهر هو الالتزام بأوامر الله في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،لأن أفضل الطرق لمواجهة القهر هي عدم الاستسلام له، فالذي يمارس القهر إذا وجد استسلاماً حفزه ذلك على المزيد من ممارسة القهر، ولهذا فإن المواجهة مع القاهرين هي مواجهة حتمية لدفع شرورهم عن الآخرين وتخليص الملوث بلوثة القهر من قذارة مشاعره الداخلية التي تتلذذ بطريقة سادية بمعاناة الآخرين.
ومن المهم في هذه المرحلة النضالية إشعار من يمارس القهر أن تصرفاته منبوذة وأن سلوكياته تضعه في موضع احتقار وإشفاق ولا تضعه في الموضع الذي يحسد عليه كما يتوهم ويحاول بذلك إشباع غرائزه المريضة.
ولأن الملوث بلوثة ممارس القهر ينازع الله في كبريائه وينتحل خصائص الألوهية في التدخل في حياة الآخرين فقد أرشدنا النبي صلى عليه وسلم إلى بعض الأدعية التي يستحب ترديدها لمواجهة قهر الرجال والتي تذكرنا بتوحيد الله عز وجل وأنه الوحيد المستحق للعظمة فجاء عن النبي صلّى الله عليه وسلم، أنه كان يقول عند قهر الكرب' لا إلهَ إلا اللهُ العظيمُ الحليمُ، لا إلهَ إلا اللهُ ربُّ العرشِ العظيمِ، لا إلهَ إلا اللهُ ربُّ السماواتِ وربُّ الأرضِ، وربُّ العرشِ الكريمِ' وهذا يؤكد أن استشعار عظمة الله وحلمه وكرمه من أهم المعينات على مواجهة القاهرين للتحرر من الدونية والشعور بالاستعلاء الإيماني.
فما أصاب المؤمن في سبيل الله هو امتحان وتشريف من الله يتقبله المؤمن بصدر رحب، مع شحذ العزيمة و قوة الإرادة في مواجهة الطغاة والملوثين بالظلم والقهر.