إعلامي إماراتي .. مستشار في علم النفس التربوي

تحرير العقل من العبودية للإعلام الموجه
يعمل المستبد دائما على السيطرة على عقول الناس، فهذا هو الطريق لإخضاعهم للعبودية التي تعتبر هدفاً رئيسيا لترسيخ سلطته،  ولهذا فهو بأجهزته الإعلامية يدير معارك تزييف الوعي واستلاب عقول الجماهير وتوجيهها لخدمة أجندته التي تدعم سلطانه المطلق على كل شيء، وفي مقابل هذا الاستعباد الإعلامي تعمل الحركات التحررية على محاربة هذا التزييف وفضحه من خلال تنمية الوعي الناقد وتنمية مهارات فحص الأخبار الكاذبة والرسائل الإعلامية المزيفة التي تتلاعب بالعقول وتشوه الحقائق. 
والواقع أن منهج التثبت والتبين من الشائعات وإخضاع الأخبار للتفكير الناقد منهج إسلامي طالبنا به القرآن الكريم' إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا' وهذا هو المنهج الذي سار عليه الأنبياء والمصلحون في تعليم البشرية عدم قبول الأخبار التي تأتي من مصادر أحادية إلا بعد إخضاعها للنظر والتحليل فهذا نبي الله سليمان يأتي إليه الهدهد حاملاً ما يصفه بالخبر اليقين عن مملكة سبأ ' وجئتك من سبأ بنبأ يقين' فهل تقبل سليمان هذه الرواية بسهولة؟ 
أو أخضعها للنظر والبحث' قال سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين' وما أحوجنا اليوم في عصر الثورات التواصلية الإعلامية والانفجار المعرفي والفضاء المفتوح إلى تحرير عقولنا من التأشير السلبي للإعلام الموجه الذي يحاول تشكيل عقولنا وفرض توجيهات المسيطرين عليه وتوجيه أحكامنا على الأشياء والأشخاص والأفكار حسب المسار الذي يتفق مع مصالح المسيطرين ويفرض علينا كيف نفكر، ويسلبنا جوهر حرياتنا واستقلاليتنا. فالإنسان الحر يبني حكمه بنفسه وفق معايير واضحة، ولا يخضع لموجهات المسيطر على السلطة الذي يريد إحكام سيطرته على عقولنا وطريقة تفكيرنا حتى يظل يتلاعب بنا كما يريد ويوجه طاقاتنا وأفعالنا في الاتجاه الذي يريد. 
ولهذا يتوجب علينا عند التعرض لأي خبر يستهدف جهة ما أن نفحص الخبر بصورة نقدية ونبحث عن المستفيد من الخبر ومصلحته من ترويج هذه الشائعة ونبحث عن الرواية الأخرى للطرف المتضرر من الرواية ونقارن بين الروايات وأدلة كل رواية حتى نستطيع التوصل إلى قناعة راسخة بعيداً عن محاولات التلاعب بعقولنا والسيطرة على أفكارنا.